حدثنا محمد بن عمر بن علي المقدمي قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سماك، عن أبي الربيع، عن أبي هريرة، قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبسطت ثوبي عنده، ثم أخذه فجمعه على قلبي، فما نسيت بعده» هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه "
كان الصَّحابةُ الكِرامُ يَحرِصونَ على حِفظِ سُنَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لتَبليغِها للأُمَّةِ بعدَهم، وقد كان أبو هُرَيرةَ مِن أكثَرِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم رِوايةً مع تَأخُّرِ إسلامِه، وفي هذا الحَديثِ يَرْوي رَضيَ اللهُ عنه أنَّه اشْتَكَى لرَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِسيانَه لأحاديثَ كَثيرةٍ يَسمَعُها منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأمَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَبسُطَ ثِيابَه، وبعدَها غرَفَ بيَدَيه الكريمتَينِ، ولم يَذكُرِ الشَّيءَ المَغروفَ ولا مِن أيِّ شَيءٍ غَرَفَ؛ لأنَّه لم يكُنْ ذلك إلَّا إشارةً، ثمَّ أمَرَه أنْ يَضُمَّه إلى صدْرِه، ففَعَلَ أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه ذلك، فما نَسِي شيئًا سَمِعَه مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكان هذا مُعجِزةً مِن مُعجِزاتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وكان ذلك سَببَ كَثرةِ رِواياتِه، كما أنَّه كان مُتصدِّيًا للفَتْوى والتَّحديثِ إلى أنْ مات، فكثُرَ مَن حَمَلَ عنه؛ فقد ذُكِر أنَّه روَى عنه ثَمانِمئةِ نفْسٍ مِن التابعينَ، ولم يقَعْ هذا لغيرِه، وقد بارَكَ اللهُ له؛ فقد بلَغَت مَرويَّاتُه أكثَرَ مِن خَمسةِ آلافِ حَديثٍ.
وفي الحديثِ: بَيانُ بَعضٍ مِن مُعجِزاتِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وظُهورُ بَركةِ دُعائِه، حيثُ رُفِعَ عن أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه النِّسيانُ.
وفيه: فَضيلةُ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه.
وفيه: حِفظُ العِلمِ، والمواظبةُ على طلَبِه.