حدثنا قتيبة قال: حدثنا ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص»: «هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن مشرح، وليس إسناده بالقوي»
عَمرُو بنُ العاصِ رَضِي الله عنه مِنَ الصَّحابةِ أصحابِ المناقِبِ والفَضائلِ؛ فَتَحَ عِدَّةَ أمصارٍ، وقدْ آمَنَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، وفي هذا الحَديثِ بَيانُ مَنْقَبةٍ عَظيمةٍ له؛ حيثُ شَهِدَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالإيمانِ؛ فقال: «أَسْلَمَ النَّاسُ»؛ أي: دَخَلوا في الإسلامِ وشَعائرِهِ الظَّاهرةِ، وقيل: يَعني بالنَّاسِ: مَنْ أَسلَمَ يومَ الفَتْحِ، «وآمَنَ عَمرُو بنُ العاصِ»؛ أي: كان مُخلِصًا راغبًا في الإسلامِ؛ فقدْ أَسلَمَ قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ بسَنَةٍ أو سَنتينِ، وقيل: خَصَّهُ بالإيمانِ رَغبةً؛ لأنَّه وقَعَ الإسلامُ في قلْبِه في الحبَشةِ، حينَ اعترَفَ النَّجاشي بنُبوَّةِ رَسولِ اللهِصلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأقبَلَ عمرٌو إلى رسولِ اللهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ مُؤمِنًا مِن غَيرِ أنْ يَدْعُوَه أحدٌ إليه، فجاءَ إلى المَدينةِ في الحالِ ساعيًا؛ فآمَنَ. وقيلَ: المعنى: أنَّه قدْ يَدخُلُ الشَّخْصُ في الإسلامِ لرَغبةٍ أو رَهبةٍ، فالإسلامُ قدْ يَشوبُه شَيءٌ مِن ذلكَ، وأمَّا الإيمانُ فلا يكونُ إلَّا عن طَواعيةٍ ومَحبَّةٍ، وهكذا كان عَمرُو بنُ العاصِ رَضيَ اللهُ عنه.
وفي الحَديثِ: أنَّ الإسلامَ يَختلِفُ عنِ الإيمانِ، وأنَّهما إذا اجتَمعا افتَرقَا؛ فيكونُ الإيمانُ أعْلَى مِنَ الإسلامِ، وإذا افتَرقَا اجتَمعا، فشَمِلَ كلُّ واحدٍ مِنهما الآخَرَ.