باب مناقب معاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبي، وأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم4
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معاذ بن جبل، نعم الرجل معاذ بن عمرو بن الجموح»: " هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث سهيل
للصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم فَضلٌ عظيمٌ، ومَكانةٌ كبيرةٌ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُنزِلُ كلَّ امرِئٍ مَنزِلتَه، ويُثْني على بعضِ أصحابِه، ويُظهِرُ فَضائِلَهم؛ إكرامًا لهم، ولِيَعلَمَ النَّاسُ لهم ذلك، ولِيَقتَدوا بهم في حُسنِ أعمالِهم وسِيَرِهم.
وفي هذا الحَديثِ يُثنِي النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على بَعضِ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم فيَقولُ: "نِعْمَ الرَّجلُ أبو بكرٍ"، أي: في صلاحِه وإيمانِه، وكان رضِيَ اللهُ عنه أول من أسلمَ مِن الرِّجالِ وأحبَّ الناسِ لرَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وصارَ خليفتَه على المسلِمين بعدَ مَوتِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وفضائلُه كثيرةٌ جدًّا. "نِعْمَ الرَّجلُ عُمَرُ"، أي: وكذلك عمرُ بنُ الخطَّابِ، وقدْ أعزَّ اللهُ سبحانَه الإسلامَ بعُمرَ، وكان قويًّا في الحَقِّ، مُسدَّدًا في الرَّأيِ؛ وقد قال فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: " لو كان نبيٌّ بَعْدِي لكان عُمرَ بن الخَطَّابِ"، وصارَ خَليفةَ خَليفةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، واشتَهرَ بعَدلِه وزُهدِه مع قُوَّتِه وشجاعتِه، وفضائلُه كثيرةٌ أيضًا.
قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "نِعْمَ الرَّجلُ أبو عُبَيدةَ بنُ الجرَّاحِ"، وقد سمَّاه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أمينَ هذه الأمَّةِ، وكان قد فتَح اللهُ تعالى على يدَيْهِ فتوحًا كثيرةً في خلافةِ أبي بكرٍ وعُمَرَ. "نِعْمَ الرَّجلُ أُسَيْدُ بنُ حُضَيرٍ"، وهو أحدُ الصَّحابةِ الَّذين شَهِدوا بَدْرًا وما بعدها مِن المشاهدِ حتَّى مات بالمدينةِ سنةَ عِشرينَ، "نِعْمَ الرَّجلُ ثابتُ بنُ قيسِ بنِ شَمَّاسٍ"، وهو أحدُ الصَّحابةِ الَّذين بشَّرهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالجنَّةِ، وكان خَطيبَ الأنصارِ، واستُشهِدَ باليمامةِ، "نِعْمَ الرَّجلُ مُعاذُ بنُ جبَلٍ"، وكان ممَّن شهِد بَدْرًا والعَقَبةَ، وكان أميرًا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على اليمَنِ، ورجَع بعده إلى المدينةِ، ثمَّ خرَج إلى الشَّامِ مجاهدًا، فماتَ في طاعونِ عَمَواسَ سنةَ ثماني عَشْرةَ، "نِعْمَ الرَّجلُ معاذُ بنُ عمرِو بنِ الجَمُوحِ"، وقد شهِد العَقَبةَ وبَدْرًا وهو صغيرٌ، وهو أحدُ مَن قتَلوا أبا جَهلٍ.