باب من أم قوما وهم له كارهون
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عمر بن هياج، حدثنا يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي، حدثنا عبيدة بن الأسود، عن القاسم بن الوليد، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير
عن ابن عباس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا: رجل أم قوما وهم له كارهون، وامرأة باتتوزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان" (1).
على المُسلِمِ أنْ يَسْعى بأعمالِه إلى تَحصيلِ الخيرِ والنَّفعِ له في الآخِرَةِ؛ ولذلك كان يُحذِّرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مِن الأعمالِ الَّتي قد تُهدِرُ لصاحبِها الأجرَ والثَّوابَ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "ثلاثةٌ لا تُجاوِزُ صَلاتُهم آذانَهم"، أي: إنَّ صَلاتَهم لا تَصعَدُ إلى السَّماءِ وتكونُ غيرَ مَقبولةٍ؛ وذلك لأنَّها اقترنَت بمعصيةٍ حتَّى وإن كانت صحيحةً في شُروطِها وأركانِها: "العبدُ الآبِقُ"، أي: العبدُ الهاربُ مِن مالكِه بلا سببٍ وعذرٍ في هروبِه، فلا تُقبَلُ منه صلاتُه، "حتَّى يَرجِعَ" مِن هُروبِه إلى سيِّدِه ومالكِه، "وامرأةٌ باتَت وزوجُها عليها ساخطٌ"، أي: غاضبٌ عليها بسببِ سوءِ أخلاقِها، أو عِصيانِها له وعدَمِ طاعتِه وتأديةِ حُقوقِه الشرعيَّةِ، "وإمامُ قومٍ"، أي: مَن تقدَّم للنَّاسِ إمامًا في الصَّلاةِ"، وهم له كارِهون"، أي: بسَببِ أمرٍ يتَعلَّقُ بدِينِه مِن كذبٍ أو فسقٍ؛ أو لأنَّه جاهلٌ، أمَّا إذا كان صاحبَ دِينٍ وسُنَّةٍ، وكانت هذه الكَراهةُ لأمرٍ مِن أمورِ الدُّنيا، فلا يُلامُ على إمامتِه، وقيل: الكراهةُ هُنا على إطلاقِها؛ لأنَّ المرادَ مِن صَلاةِ الجماعةِ هو حُصولُ الائتلافِ والمودَّةِ والاجتماعِ.
وفي الحديثِ: أنَّ بعضَ المعاصي قد تَكونُ سببًا في عدَمِ قَبولِ الصَّلاةِ.