باب من أنكر ذلك على فاطمة
حدثنا القعنبى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد وسليمان بن يسار أنه سمعهما يذكران أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق بنت عبد الرحمن بن الحكم البتة فانتقلها عبد الرحمن فأرسلت عائشة - رضى الله عنها - إلى مروان بن الحكم وهو أمير المدينة فقالت له اتق الله واردد المرأة إلى بيتها. فقال مروان فى حديث سليمان إن عبد الرحمن غلبنى. وقال مروان فى حديث القاسم أوما بلغك شأن فاطمة بنت قيس فقالت عائشة لا يضرك أن لا تذكر حديث فاطمة. فقال مروان إن كان بك الشر فحسبك ما كان بين هذين من الشر.
حدد الشرع الكريم أحكام الأسرة في الزواج والطلاق والعدة، وما يترتب على ذلك كله من الحقوق والواجبات على كل الأطراف، واستقر الأمر بما وضحه القرآن وبينته السنة النبوية، ولا ينبغي لأحد أن يغير فيها باجتهاده مع وجود النصوص القاطعة الواضحة
وفي هذا الحديث يخبر التابعيان القاسم بن محمد وسيلمان بن يسار أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق زوجته عمرة بنت عبد الرحمن بن الحكم طلاقا بائنا، كما في رواية الصحيحين، أي: طلق زوجته ثلاث تطليقات، فحرمت عليه، «فانتقلها» أي: أخرجها والدها عبد الرحمن من منزل زوجها
فأرسلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى عم المطلقة مروان بن الحكم وهو أمير المدينة من قبل معاوية رضي الله عنه، تذكره بالله أن يتبع أمره سبحانه في المعتدة، وأن يردها لمنزل زوجها إلى أن تنقضي العدة، فرد مروان بأن أباها عبد الرحمن غلبه في أمر بقائها في منزل زوجها، ثم احتج بحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وأنها لم تعتد في بيت زوجها بعد طلاقها البائن، فقالت عائشة رضي الله عنها: «لا يضرك ألا تذكر حديث فاطمة»، أي: لا حجة فيه لجواز انتقال المطلقة من منزلها بغير سبب؛ لأن انتقالها كان لسبب خاص؛ إما وحشة المكان، أو ما يقع بينها وأهل زوجها من الشر، فبين مروان أنه إن كان جاز لفاطمة خروجها من بيت زوجها للشر الذي يقع بينهم، فإنه يسع بنت أخيه الخروج لوقوع الشر أيضا بينها وبين زوجها لو سكنت داره.