باب من تصبح بتمر عجوة لم يضره سم ولا سحر 2
بطاقات دعوية
عن عائشة - رضي الله عنها - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إن في عجوة العالية شفاء أو إنها ترياق أول البكرة. (م 6/ 124
تَفضَّلَ اللهُ سُبحانَه على عِبادِه بنِعَمِه وأفْضالِه، وجَعَلَ في بَعضِ الأطعِمةِ بَرَكةً وشِفاءً.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «أنَّ في عَجوةِ العَاليةِ شفاءً»، والعَجْوةُ نَوعٌ مِن التَّمْرِ الطَّريِّ يَميلُ إلى السَّوادِ، والعاليةُ اسمُ مَوضعٍ بِالمدينةِ، ويُطلَقُ اسمُها تاريخيًّا على المنطقةِ الواقعةِ في الجهةِ الشَّرقيَّةِ والجنوبيَّةِ الشَّرقيَّةِ مِن المدينةِ في خَطٍّ يَمتَدُّ شَرقًا مِن البَقيعِ إلى حَرَّةِ واقِمَ، وجنوبًا بمُحاذاةِ مَسجِدِ قُباءَ، «أوَّلَ البَكرةِ» أي: في الصَّباحِ، والمرادُ أنَّ في تَمرِها المسمَّى بالعجوةِ شِفاءً زائدًا بِالنِّسبةِ إلى عَجْوةِ غيرِها، وأنَّ مَن يأكلُ عَجوةَ العاليةِ في أوَّلِ الصَّباحِ على الرِّيقِ وقبْلَ أنْ يَأكُلَ شيئًا آخَرَ تكونُ له مِثلَ التِّرْياقِ، أي: يَنفعُ لِأنواعِ السُّمِّ والسِّحرِ، وفي حَديثٍ آخَرَ للتِّرمذيِّ: «العَجْوةُ مِنَ الجَنَّةِ، وفيها شِفاءٌ منَ السُّمِّ»، ومَعْنى كَونِها مِن الجَنَّةِ لِمَا فيه مِن لَذَّةٍ وشِفاءٍ مِن السُّمِّ والسِّحْرِ كما ذُكِرَ، فكأنَّها مِن الجَنَّةِ؛ ولأنَّ طَعامَ الجَنَّةِ هو الَّذي يُزيلُ الأذَى والتَّعَبَ، وقيل: مَعْنى ذلك أنَّ فيها شَيئًا من صِفاتِ ثِمارِ الجَنَّةِ في الطَّبْعِ؛ فلذلك صارتْ شِفاءً مِن السُّمِّ؛ وذلك أنَّ السُّمَّ قاتِلٌ، وثَمَرُ الجَنَّةِ خالٍ مِن المَضارِّ والمَفاسِدِ، فإذا اجتَمَعا في جَوفٍ عَدَلَ السُّمَّ الفاسِدَ فاندَفَعَ الضَّرَرُ، أو لكَونِ التَّمْرِ عُوذةً ووِقايةً من السِّحْرِ والسُّمِّ، كما ثَبَتَ في الصَّحيحينِ: «مَن تَصبَّحَ بسَبْعِ تَمْراتِ عَجْوةٍ لم يَضُرَّه ذلك اليَومَ سُمٌّ ولا سِحْرٌ».
وقولُه: «شِفاءٌ، أو إنَّها تِرياقٌ» تَردُّدٌ مِن أحدِ الرُّواةِ وشَكٌّ، والشِّفاءُ أشمَلُ مِن التِّرياقِ.
وفي الحديثِ: فضْلُ عجوةِ المدينةِ.