باب ميقات الصلاة في الغيم
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر
عن بريدة الأسلمي، قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة، فقال: "بكروا بالصلاة في اليوم الغيم، فإنه من فاتته صلاة العصر حبط عمله" (2).
لِصَلاةِ العَصرِ فَضلٌ كَبيرٌ؛ فهي الصَّلاةُ الوُسطى، وقد أُمِرْنا بالمُحافَظةِ على الصَّلَواتِ عامَّةً، وعلى صَلاةِ العَصرِ خاصَّةً.
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي التابِعيُّ أبو المَليحِ بنُ أُسامةَ الهُذَليُّ أنَّهم كانوا مع بُريْدةَ بنِ الحُصَيْبِ الأسلَميِّ في غَزوةٍ، في يَومٍ ذِي غَيمٍ، أيْ: ذي سَحابٍ، وهذا كِنايةٌ عن عَدَمِ ظُهورِ الشَّمسِ على هَيئَتِها المُعتادةِ التي يَتحَقَّقونَ بها مِن دُخولِ وَقتِ الصَّلاةِ، فأمَرَهم أنْ يُسرِعُوا ويُبادِروا بصَلاةِ العَصرِ في أوَّلِ وَقتِها.قيلَ: خُصَّ يَومُ الغَيمِ بذلك؛ لِأنَّه مَظِنَّةُ التَّأخيرِ، إمَّا لِمُتنَطِّعٍ يَحتاطُ لِدُخولِ الوَقتِ، فيُبالِغُ في التأخيرِ حتى يَخرُجَ الوَقتُ، أو لِمُتشاغِلٍ بأمْرٍ آخَرَ فيَظُنُّ بَقاءَ الوَقتِ، فيَستَرسِلُ في شُغُلِه إلى أنْ يَخرُجَ الوَقتُ.ثم بَيَّنَ لهم بُرَيدةُ رَضيَ اللهُ عنه سَبَبَ تَحفيزِه لهم على صَلاةِ العَصرِ في أوَّلِ وَقتِها؛ وهو أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «مَن تَرَكَ صَلاةَ العَصرِ» فتَعَمَّدَ تأخيرَها عن وَقتِها، لِغَيرِ عُذرٍ؛ فقد «حَبِطَ عَمَلُه»، وبَطَلَ أجْرُه، وضاعَ ثَوابُه؛ فلا يَكونُ له أجْرٌ ولا ثَوابٌ.
وفي الحَديثِ: الاحتياطُ وأداءُ الصَّلاةِ في أوَّلِ وَقتِها، عِندَ تَغيُّرِ السَّماءِ والشَّمسِ عن ظُهورِها المُعتادِ؛ خَوفًا مِن خُروجِ وَقتِ الصَّلاةِ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن تَرْكِ صَلاةِ العَصرِ وفَواتِها.