باب نسخ الكلام في الصلاة 2
بطاقات دعوية
عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - قال كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام. (م 2/ 71)
الصَّلاةُ صِلةٌ بيْن العَبدِ ورَبِّه، والمُصلِّي مُناجٍ رَبَّه، ومِن ثَمَّ يَجِبُ أنْ يَقِفَ فيها العبدُ خاشعًا للهِ عزَّ وجلَّ، مُفرِّغًا قلْبَه وعقْلَه وسائرَ جَوارحِه مِن جَميعِ الشَّواغلِ؛ والكلامُ أثناءَ الصَّلاةِ مُنافٍ للخُشوعِ وصارِفٌ عنه.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ زَيدُ بنُ أرْقَمَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الكلامَ أثناءَ الصَّلاةِ لم يكُنْ مَمنوعًا في أوَّلِ الأمرِ، فكان الواحدُ منهم يُكلِّمُ صاحبَه بحاجتِه التي يُريدُ وهو يُصلِّي، فلمَّا نزَلَ قولُ اللهِ تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، أُمِروا بِالسُّكوتِ فيها، وعدَمِ الحديثِ في أثنائِها. والقُنوتُ وإنْ كان معناهُ الطاعةَ والخُشوعَ؛ فإنَّه يَأتي بمعنى السُّكوتِ، وهو مُتضمِّنٌ للخُشوعِ كذلِك.
وفي الحديثِ: الأمرُ بعَدَمِ قَطْعِ مُناجاةِ الرَّبِّ في الصَّلاةِ بكلامِ مَخلوقٍ، والإقبالِ على الربِّ تعالَى، والْتزامِ الخُشوعِ، والإعراضِ عمَّا سِوى ذلك.