باب هل يشتري صدقته؟ ولا بأس أن يشتري صدقته غيره
بطاقات دعوية
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب تصدق بفرس (وفي طريق: حمل عليها رجلا 3/ 197) في سبيل الله، [أعطاها له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]، فوجده يباع، فأراد أن يشتريه، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأمره [أن يبتاعها]؟ فقال:
" [لا تبتعها، و] لا تعد في صدقتك". فبذلك كان ابن عمر رضي الله عنهما لا يترك أن يبتاع شيئا تصدق به إلا جعله صدقة
الصَّدقةُ ابتِغاءَ وَجْهِ اللهِ عزَّ وجلَّ مِن أفضَلِ أعمالِ البِرِّ وأعْلاها أجْرًا، ومِن ثَمَّ لَزِمَ المُتصدِّقَ أنْ يَحتسِبَ عندَ اللهِ صَدَقتَه، ويَرْجو بها ما عِندَ اللهِ مِن خَيرٍ وبَرَكةٍ، ويَلزَمُ مِن ذلك ألَّا يَتطلَّعَ إليها أو يَطلُبَ إعادتَها لمُلْكِه ثانيةً.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي عبدُ الله بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ أباه عُمرَ بنَ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنه تَصدَّقَ بفرَسٍ، يَعني: أَعْطى رجُلًا فرَسًا يُقاتِلُ عليه في سَبيلِ اللهِ تعالَى، فوَجَدَ فَرَسَه يُباعُ، وإنَّما ساغَ للرَّجلِ بَيعُه؛ لأنَّه حَصَلَ فيه هُزالٌ أعْجَزَه عن اللَّحاقِ بالخَيلِ وضعْفٍ عن ذلك، وانْتَهى إلى حالةِ عدَمِ الانتِفاعِ به، وفي الصَّحيحَينِ أنَّه: «ملَّكُه إيَّاهُ»؛ فلذلك ساغَ بَيعُه، فلمَّا وَجَدَه عمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنها يُباعُ، ظَنَّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ الرجُلَ سيَبيعُه برُخصٍ، وأنَّه ليس قادرًا على تَحمُّلِ مَؤُونتِه، فأراد عُمَرُ أنْ يَشتَرِيَه، واستشارَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في ذلك، فنَهاهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن شِرائِه، وقال: «لا تَعُدْ في صَدَقتِك»؛ لأنَّك أخْرَجْتَه للهِ سُبحانَه، ولا يُمكِنُ للإنسانِ أنْ يَشتريَ صَدَقتَه؛ لأنَّ ما أخْرَجَه الإنسانُ للهِ لا يَعودُ فيه، فتَرَكَه عمَرُ رَضيَ اللهُ عنه.
ولهذا كان ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه إذا اشْتَرى شَيئًا ممَّا تَصدَّقَ به، لا يَترُكُه في مُلْكِه حتَّى يَتصدَّقَ به، وكأنَّه فَهِمَ أنَّ النَّهيَ عن شِراءِ الصَّدَقةِ إنَّما هو لمَن أرادَ أنْ يَتملَّكَها، لا لِمَن يَرُدُّها صَدَقةً مرَّةً أُخرى.
وفي الحديثِ: فضْلُ الحَمْلِ في سَبيلِ اللهِ تعالَى، والإعانةِ على الغزْوِ بكلِّ شَيءٍ.
وفيه: النَّهيُ عن شِراءِ الصَّدقةِ؛ لأنَّه يُعَدُّ رُجوعًا عنها.