باب: ومن سورة البقرة25
سنن الترمذى
حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم»: «هذا حديث حسن»
لقدْ حثَّ الإسلامُ على الأخلاقِ الحَسَنةِ في مُعامَلةِ النَّاسِ، فرَغَّبَ في حُسْنِ مُعاشَرتِهِمْ واللِّينِ معهم.
وفي هذا الحَديثِ تَحذيرٌ شَديدٌ للمُتَّصفِ باللَّدَدِ في الخُصومةِ، وأنَّه أبغَضُ الرِّجالِ إلى اللهِ تعالَى، والألدُّ الخَصِمُ هو المُولَعُ بِالخُصومِة -وهي النِّزاعُ والمُجادَلةُ- الماهرُ فيها، والدَّائمُ فيها كذلِك، وإنَّما كان هذا الرَّجلُ هو أبغَضَ الرِّجالِ إلى اللهِ تعالَى -أي: يَكرَهُه اللهُ عزَّ وجلَّ كَراهيةً شَديدةً، وبُغْضُ اللهِ عزَّ وجلَّ للإنسانِ يَترتَّبُ عليه الإثمُ والعُقوبةُ-؛ لأنَّه يُجادِلُ عَنِ الباطلِ، وذلِك يَحمِلُ على ضَياعِ الحقِّ، والمَطْلِ بالحقوقِ وظُلمِ أصحابِها، ونُصرةِ الباطلِ، وقدْ قال تعالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} [البقرة: 204]، والحديثُ تَحذيرٌ أيضًا لمَن يُخاصِمُ بحقٍّ لكنَّه لا يَقتصِرُ على قدْرِ الخطَأِ، بلْ يُظهِرُ الزِّيادةَ ويُبالِغُ في الخُصومةِ، أو يَمزُجُ بطَلَبِ حقِّه كَلماتٍ مُؤذِيةً، أو يُجادِلُ بغيرِ عِلمٍ.