‌‌باب ما جاء في المحرم يشتكي عينه فيضمدها بالصبر

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في المحرم يشتكي عينه فيضمدها بالصبر

حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن نبيه بن وهب، أن عمر بن عبيد الله بن معمر اشتكى عينيه وهو محرم، فسأل أبان بن عثمان، فقال: اضمدهما بالصبر، فإني سمعت عثمان بن عفان، يذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اضمدهما بالصبر»: هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم: لا يرون بأسا أن يتداوى المحرم بدواء ما لم يكن فيه طيب
‌‌

الحَجُّ رُكنٌ مِن أَركانِ الإِسْلامِ، وهوَ عِبادةٌ لِمَنِ استَطاعَ إليها سَبيلًا، وقد حُظِرَ على المحرِمِ بعضُ المباحاتِ الَّتي كانتْ حَلالًا له قبلَ الإحْرامِ، ومنها الاكْتِحالُ، وفي الحجِّ مَشقَّةٌ تَقتَضي التَّيسيرَ، ومِنَ التَّيسيرِ أنْ يُباحَ له المُداواةُ بالمُباحاتِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ نُبَيْهُ بنُ وَهْبٍ أنَّهم خَرَجوا مُحرِمينَ بالحجِّ ومَعَهم أَبانُ بنُ عُثمانَ بنِ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه، وكان أميرًا على الحجَّاجِ، فلمَّا وَصَلوا إلى مِنطقةِ مَللٍ، وهي إلى الغربِ مباشرةً من حَوضِ وادي العَقيقِ غربَ المدينةِ، وتَبعُدُ عنها قُرابةَ 50 كم٬ وفي هذه المِنطَقةِ بدأَ عُمرُ بنُ عُبيدِ اللهِ في الشِّكايةِ مِن وَجعِ عَينَيْه، ثُمَّ لَمَّا وَصَلوا إلى مِنطَقةِ الرَّوْحاءِ زادَ وجَعُ عَينَيْه ممَّا يَقتَضي المُداواةَ، والرَّوحاءُ: موضِعٌ بينَ الحرَمَينِ، على بُعدِ 80 كيلومترًا منَ المدينةِ، فأرسَلَ إلى أبانَ بنِ عُثمانَ يَسألُه عن حُكمِ التَّداوي في العَينِ للمُحرِمِ، فأرسَلَ إليه أَبانُ بنُ عُثمانَ بالإِجابةِ، وهي أنَّ أباه عُثمانَ بنَ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه رَوى عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنَّ المُحرِمَ إذا اشْتَكى عَينَيْه ضَمَّدَهما، أي: شَدَّهما بالعِصابةِ معَ تَقْطيرِ الصَّبِرِ في العَينَينِ، والصَّبِرُ: عُصارةٌ جامدةٌ لشَجرٍ مُرٍّ، والمَقصودُ أنْ يَخلِطَ الصَّبِرَ بالماءِ، فيَقطُرَه في عَينَيْه، أو يَكتحِلَ بهِ، أو يَضعَه عَلى عَينيْه، والصَّبِرُ ليس بطِيبٍ، فلا يُمنَعُ منه المحرِمُ.
وَفي الحَديثِ: تَضميدُ العَينِ وغَيرِها بالصَّبِرِ ونحوِه للمُحرِمِ.