باب: ومن سورة الجمعة
سنن الترمذى
حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثني ثور بن زيد الديلي، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت سورة الجمعة فتلاها، فلما بلغ {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} [الجمعة: 3] قال له رجل: يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا؟ فلم يكلمه، قال: وسلمان فينا قال: فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان فقال: «والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثريا لتناوله رجال من هؤلاء». ثور بن زيد مدني، وثور بن يزيد شامي، وأبو الغيث اسمه: سالم مولى عبد الله بن مطيع مدني. هذا حديث غريب، وعبد الله بن جعفر هو: والد علي بن المديني ضعفه يحيى بن معين، وقد روي هذا الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّمَ يَعرِفُ قدْرَ أصحابِه رَضِي اللهُ عنهم وفضلَهم، ويُخبِرُ بذلك؛ حتَّى يَعرِفَ لهم قَدْرَهم مَن يأتي بَعْدَهم.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه: "كنَّا"، أي: كان بَعضٌ مِن الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عنهم، "عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حينَ أُنزِلَت سُورةُ الجُمُعةِ، فتَلاها"، أي: قرَأها، "فلمَّا بلَغ"، أي: الآيةَ الَّتي فيها قولُه تعالى: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3]، أي: إنَّه تعالى بعَثَه في الأُمِّيِّين الَّذين على عَهدِه، وفي آخَرين مِن الأُمِّيِّين لم يَلحَقوا بهم بعدُ، وسيَلْحَقون بهم، وهم مَن يَأتي بعدَ الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عنهم، فقال رجلٌ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يا رسولَ اللهِ، مَن هؤلاءِ الَّذين لم يَلْحَقوا بنا؟"، قال أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عنه: "فلم يُكلِّمْه"، أي: لم يُجِبِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الرَّجلَ، "وسَلْمانُ الفارسيُّ فينا"، أي: جالِسٌ معَنا، "فوضَع رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يدَه على سَلمانَ الفارسيِّ، فقال: والَّذي نفسي بيدهِ"، أي: مُقسِمًا باللهِ عزَّ وجلَّ؛ وذلك لأنَّ اللهَ هو الَّذي يَملِكُ الأنفُسَ، وكَثيرًا ما كان يُقْسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بهذا القسَمِ، "لو كان الإيمانُ بالثُّريَّا"، والثُّريَّا: اسمٌ لمجموعةٍ مِن النُّجومِ كانوا يَعرِفونها، "لَتَناوَله رجالٌ مِن هؤلاءِ"، أي: لسَعَوا إليه وحَصَّلوه، والمرادُ بهؤلاء: الفُرسُ.
وفي الحديثِ: فضلٌ ومنقَبةٌ لِسَلمانَ الفارسيِّ رَضِي اللهُ عنه، والثَّناءُ على عُلوِّ هِمَّةِ المُؤمنِينَ من الفُرسِ.