‌‌باب ما جاء في السلف في الطعام والتمر

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في السلف في الطعام والتمر

حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عبد الله بن كثير، عن أبي المنهال، عن ابن عباس قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في التمر، فقال: «من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» وفي الباب عن ابن أبي أوفى، وعبد الرحمن بن أبزى: حديث ابن عباس حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم: أجازوا السلف في الطعام والثياب وغير ذلك مما يعرف حده وصفته، واختلفوا في السلم في الحيوان، فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم السلم في الحيوان جائزا، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وكره بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم السلم في الحيوان، وهو قول سفيان، وأهل الكوفة، أبو المنهال اسمه عبد الرحمن بن مطعم
‌‌

السَّلَفُ أوِ السَّلمُ هو أنْ يَبيعَ الرَّجلُ سِلعةً غيرَ مَوجودةٍ ويَصِفَها بما يُميِّزُها، ويُحدِّدَ أجَلًا لِقبْضِ هذه السِّلعةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخْبرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّه لَمَّا هاجَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المدينةِ، وجَدَ الأنصارَ يَتَعامَلون بالسَّلَفِ -ويُسمَّى أيضًا سَلَمًا؛ لأنَّه يُشترَطُ فيه تَسليمُ رَأسِ المالِ في مَجلِسِ العقْدِ-؛ فكانوا يَبِيعون الثَّمَرَ مُؤجَّلًا إلى عامٍ أو عامينِ أو ثَلاثةِ أعوامٍ، بثَمَنٍ مُعجَّلٍ مَقبوضٍ حالًّا في مَجلسِ العقدِ، فأقَرَّهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على بَيعِ السَّلَمِ، ولكنْ ضبَطَه بشُروطٍ مُعيَّنةٍ؛ فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَن سلَّفَ في تَمْرٍ، فاشْتَرى شَيئًا مِن تَمْرٍ أو بُرٍّ أو شَعيرٍ مَثلًا، مُؤجَّلًا إلى عامٍ أو عامينٍ، بثَمنٍ حاضرٍ مَقبوضٍ في مَجلسِ العقْدِ؛ فلْيكُنِ الشَّيءُ الَّذي اشتَراه شَيئًا مُعيَّنًا، مَعلومَ المِقدارِ، مَحدودَ الكميَّة كَيلًا ووَزْنًا، مَضبوطًا بأجَلٍ مَعلومٍ، ومُدَّةٍ مُعيَّنةٍ مَعروفةٍ؛ كسَنةٍ أو سنَتينِ مَثلًا، لا بأجَلٍ مَجهولِ المدَّةِ غيرِ مُحدَّدِ الزَّمنِ؛ خَشيةً على النَّاسِ مِن الغَرَرِ والجَهالاتِ التي تَقَعُ في مِثلِ هذا البَيعِ، وحَدًّا للنِّزاعاتِ والمُخاصَماتِ.