باب: ومن سورة مريم6
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا شعبة، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، {وإن منكم إلا واردها} [مريم: 71] قال: «يردونها ثم يصدرون بأعمالهم» حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن السدي، بمثله، قال عبد الرحمن، قلت لشعبة: إن إسرائيل، حدثني عن السدي، عن مرة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال شعبة: وقد سمعته من السدي «مرفوعا ولكني أدعه عمدا»
في يَومِ القِيامةِ سيَضرِبُ الحقُّ سبحانه وتعالى جَسْرَ الصِّراطِ على ظَهرِ جهَنَّمَ، ويَعبُرُ عليه النَّاسُ، وكلٌّ يَمُرُّ عليه بحسَبِ عمَلِه وتوفيقِ اللهِ له، وفي هذا الحَديثِ يُبيِّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أحوالَ النَّاسِ في هذا المرورِ على الصِّراطِ؛ فيَقولُ: "يَرِدُ النَّاسُ النَّارَ"، أي: يأتي ويَقِفُ النَّاسُ على النَّارِ ويَحضُرونها، وليس مَعْناه الدُّخولَ فيها، والمقصودُ أنَّهم يَعبُرون الصِّراطَ، والصِّراطُ هو جَسْرٌ يَكونُ مَنصوبًا على ظَهرِ جهَنَّمَ، يَعبُرُ مِن عليه النَّاسُ، فيُنجِّي اللهُ أهلَ الصَّلاحِ والفَلاحِ مِن السُّقوطِ في النَّارِ، "ثمَّ يَصدُرون مِنها"، أي: يَنصَرِفون منها، وتكونُ لهم النَّجاةُ مِن النَّارِ "بأعمالِهم"، أي: بقَدْرِ أعمالِهم؛ ذلك أنَّ النَّاسَ يومَ القيامةِ يتَفاوَتون في الجَوازِ على الصِّراطِ، ويكونُ ذلك بما عَمِلوه مِن الأعمالِ الصَّالحةِ في الدُّنيا، ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فأوَّلُهم"، أي: مَن يكونُ سابِقًا لهم يكونُ مُرورُه "كلَمْحِ البَرْقِ"، أي: تكون سرعتُه مثلَ البرقِ في سُرعتِه، "ثمَّ كالرِّيحِ"، أي: ومِنْهم مَن تكونُ سُرعتُه مثلَ سرعةِ الرِّيحِ، "ثمَّ كحُضْرِ الفرَسِ"، أي: ومِنهم مَن يَكونُ مُرورُه مِثلَ عَدْوِ الفرَسِ وجَرْيِه، "ثمَّ كالرَّاكبِ في رَحْلِه"، أي: ومِنهم مَن يَكونُ سَيرُه ومرورُه مثلَ سيرِ رَكُوبتِه الَّتي تَقطَعُ به المسافاتِ في السَّفرِ، "ثمَّ كشَدِّ الرَّجُلِ"، أي: مِثلَ سُرعةِ الرَّجُلِ في جَرْيِه وعَدْوِه، "ثمَّ كمَشْيِه"، أي: مِثلَ هَيئةِ الرَّجُلِ في مِشْيتِه.
وفي الحَديثِ: بيانُ بَعضِ صُورِ القيامةِ والمرورِ على الصِّراطِ.
وفيه: الحَثُّ على كَثرَةِ الأعمالِ الصَّالحةِ الَّتي تنفَعُ صاحِبَها في الآخرةِ.