باب في ثواب الشهيد1
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أحد من أهل الجنة يسره أن يرجع إلى الدنيا غير الشهيد، فإنه يحب أن يرجع إلى الدنيا، يقول: حتى أقتل عشر مرات في سبيل الله، مما يرى مما أعطاه الله من الكرامة ": هذا حديث حسن صحيح.
المسلِمُ الحريصُ على الخَيرِ يَسأَلُ اللهَ عزَّ وجلَّ الشَّهادةَ والموتَ في سبيلِه ويتَمنَّاها؛ لِمَا للشَّهيدِ من عظيمِ الأَجرِ والفَضلِ والكَرامةِ عندَ اللهِ سبحانَه، حتَّى إنَّ الشَّهيدَ ليتمنَّى أن يَرجِعَ إلى الدُّنيا ليُقتَلَ مَراتٍ أخرى في سَبيلِ اللهِ، كما يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في هذا الحَديثِ: "ما مِن أحدٍ مِن أهلِ الجنَّةِ يَسُرُّه"، أي: يُحِبُّ ويَوَدُّ، "أن يَرجِعَ إلى الدُّنيا، غيرُ الشَّهيدِ"، أي: الَّذي قُتِل في سبيلِ اللهِ تعالى؛ "فإنَّه يُحِبُّ أن يَرجِعَ إلى الدُّنيا يقولُ: حتَّى أُقتَلَ عَشْرَ مرَّاتٍ في سبيلِ اللهِ؛ ممَّا يَرَى ممَّا أعطاه اللهُ مِن الكرامةِ"، أي: ممَّا له مِن النَّعيمِ والحَظِّ الَّذي فضَّله اللهُ به على غَيرِه في الآخرةِ؛ فإنَّه بهذا الحظِّ يَطمَعُ في مَزيدِ عَطاءِ اللهِ له، وذلك بأن يَرجِعَ ويُقتَلَ في سبيلِه.
وقيل: سُمِّي المقتولُ في سَبيلِ اللهِ تعالى شهيدًا؛ لأنَّه حَيٌّ؛ فإنَّ رُوحَه شَهِدَت وحضَرَت دارَ السَّلامِ، وأرواحَ غيرِه إنَّما تَشهَدُها يومَ القيامةِ، وقيل: إنَّ اللهَ تعالى ومَلائِكتَه عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ يَشهَدون له بالجنَّةِ، وقيل: لأنَّه شَهِد عندَ خُروجِ رُوحِه ما أعَدَّه اللهُ تعالى مِن الثَّوابِ والكرامةِ، وقِيل غيرُ ذلك في تفسيرِ معنى الشَّهيدِ.
وفي الحديثِ: بيانُ عَظيمِ أجرِ الشَّهيدِ وكَرامتِه، والحثُّ والتَّرغيبُ في الجِهادِ والقِتالِ في سَبيلِ اللهِ تعالى.