باب يقبض الله الأرض يوم القيامة {والسماوات مطويات بيمينه}
بطاقات دعوية
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوي الله عز وجل السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرض بشماله ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون. (م 8/ 126)
أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ يؤمِنُون أنَّ ما ورَدَ من صفاتِ اللهِ سُبحانَه وتَعالَى في القرآنِ والسُّنَّةِ؛ حقٌّ وحقيقةٌ لله عزَّ وجلَّ، وهُم لا يُؤوِّلون هذه الصِّفاتِ بتَشبيهٍ ولا تَكييفٍ، فهو أمرٌ تَرجِعُ كَيفيَّتُه إلى اللهِ سُبحانَه
وفي هذا الحديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ يَهوديًّا -وفي بعضِ رِواياتِ الصَّحيحَينِ أنَّه كانَ من عُلَمائهم- جاءَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: يا مُحَمَّدُ، فناداه باسمِه مُجرَّدًا دُونَ نبيٍّ أو رسولٍ، ثُمَّ قالَ: «إنَّ اللهَ يُمسِكُ السَّمواتِ على إِصْبَعٍ، والأَرَضِينَ على إِصْبَعٍ، والجِبَالَ على إِصْبَعٍ، والشَّجَرَ على إِصْبَعٍ، والماءَ على إِصْبَعٍ، والخلائِقَ على إِصْبَعٍ»، فيُحكِمُ قبضَتَه على كلِّ ذلك ويَتصرَّفُ فيها كيفَما يَشاءُ، ثُمَّ يَقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: «أنا المَلِكُ»، أيِ: المُتفَرِّدُ بالمُلكِ. فلمَّا سَمِعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قولَ اليَهوديِّ ضَحِكَ حتَّى ظَهَرت أنيابُه منَ الضَّحِكِ؛ تَصديقًا وتَعجُّبًا لقولِ اليَهوديِّ، من حيثُ إنَّ اليَهودَ يَعرِفونَ للهِ قَدْرَه وحقَّه منَ التَّوحيدِ والعِبادةِ والتَّنزيهِ، ولذلك قَرَأ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قولَ اللهِ تَعالَى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}، وتمامُ الآيةِ {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الزمر: 67]، أي: ما عَرَفوه حقَّ مَعرِفتِه، وما عظَّمَ المُشرِكونَ اللهَ حقَّ تَعظيمِه حينَ أشرَكوا به غيرَه من مخلوقاتِه الضَّعيفةِ العاجِزةِ، وغفَلوا عن قُدرةِ اللهِ التي من مَظاهِرِها أنَّ الأرضَ بما فيها من جبالٍ وأشجارٍ وأنهارٍ وبِحارٍ يومَ القيامةِ في قبضتِه، وأنَّ السَّمواتِ السَّبعَ كلَّها مَطويَّاتٌ بيَمينِه، تَنزَّهَ وتَقدَّسَ وتعالى عمَّا يَقولُه ويَعتقِدُه المُشرِكونَ
والأصابعُ صِفةٌ ذاتيَّةٌ خَبريَّةٌ ثابِتةٌ لله عزَّ وجلَّ بالسُّنَّةِ الصَّحيحةِ، وأنَّها من صفةِ يَدَيه؛ لأنَّ هذا هو المفهومُ من لفظِ الإصبعِ في هذا السِّياقِ، وقد أقَرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ اليَهوديَّ على قولِه
وفي الحديثِ: إثباتُ الأصابعِ لله عزَّ وجلَّ كما يَليقُ بكَمالِه سُبحانه، من غيرِ تَشبيهٍ ولا تَأويلٍ
وفيه: بيانُ عَظَمةُ قُدرةِ اللهِ سُبحانَه وتعالَى