حديث أبي موسى الأشعري 117
مستند احمد
حدثنا عفان، حدثنا همام، حدثنا محمد بن جحادة، عن عبد الرحمن بن ثروان، عن الهزيل بن شرحبيل، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، يعني في الفتنة، والزموا أجواف البيوت، وكونوا فيها كالخير من ابني آدم»
في هذا الحديثِ يُحذِّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أمَّتَه مِن وُقوعِ الفِتَنِ، ويبيِّن لهم ما عليهم أنْ يَفعَلوه في أيَّامِ وُقوعِها وظُهورِها، حيثُ يقولُ أبو موسى رضِيَ اللهُ عنه: "قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الفِتنةِ"، أي: إذا الْتبَس الحقُّ بالباطلِ، وما يَنتُجُ عنها مِن كَثرةِ القتلِ، وانتشارِ الكفرِ والبِدَعِ، ونحوِ ذلك، فأرشَد النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عِندَ ظُهورِ أيَّامِ الفتنِ والابتلاءاتِ إلى عدَمِ الدُّخولِ فيها، وأن يُترَكَ القِتالُ، فقال صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "كَسِّروا"، أي: حَطِّموا "فيها" في الفتنةِ "قِسيَّكم"، أي: أقواسَكم الَّتي هي مِن أدَواتِ الحَربِ، "وقَطِّعوا"، أي: ومَزِّقوا فيها "أوتارَكم"، وهي الأوتارُ الَّتي تكونُ في الأقواسِ لئلَّا يُنتَفَعَ بالقوسِ، فلا يَكونَ هناك سِلاحٌ للقِتالِ للمُشارَكةِ به في هذه الفتنِ، "والْزَموا فيها أجوافَ بُيوتِكم"، أي: وفي زمَنِ وأيَّامِ وُقوعِ الفِتْنةِ كُونوا مُلازِمين بُيوتَكم لا تَخرُجوا مِنها؛ حتَّى لا تقَعوا في الفِتنِ، "وكونوا كابنِ آدمَ"، أي: الَّذي قتَله أخوه ظُلمًا؛ لأنَّ اللهَ تَقبَّل مِنه قُربانَه ولم يتَقبَّلْ مِن الآخَرِ
والمقصودُ مِن قولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أنَّ صَبْرَ المسلِمِ على قَتلِه أفضَلُ له مِن أن يكونَ قاتِلًا إذا كان هذا القِتالُ مِن أجلِ الدُّنيا، أو في زمَنِ الفِتنةِ، أمَّا القتالُ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ومُحاربةُ المشركين أعداءِ الدِّين فعَلَى المسلِمِ أن يُقاتِلَهم دِفاعًا عن دِينِه، فإنْ قُتِل كان شَهيدًا بإذنِ اللهِ سبحانه وتعالى