حديث جابر بن سمرة السوائي14
حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا إسرائيل، عن سماك، أنه سمع جابر بن سمرة، يقول: مات رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل، فقال: يا رسول الله، مات فلان، قال: " لم يمت "، ثم أتاه الثانية، ثم الثالثة فأخبره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " كيف مات (1) ؟ " قال: نحر نفسه بمشقص، قال: فلم يصل عليه
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لا يُصلِّي على مَن قتَل نفْسَه؛ إنكارًا وزجرًا، وفي ذلك يقولُ جابِرُ بنُ سَمُرَةَ رَضِي اللهُ عَنه: "مرِضَ رجلٌ فصِيحَ علَيه"، أي: صرَخ علَيه أهلُه، "فجاء جارُه إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: ظنًّا منه أنَّ الرَّجلَ قد ماتَ، "فقال له: إنَّه"، أي: المرِيضَ، "قد مات"، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "وما يدرِيكَ؟"، أي: ما أعلَمَك أنَّه قد ماتَ؟ قال الجارُ: "أنا رأيْتُه"، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للجارِ: "إنَّه لم يَمُتْ"، قال جابِرٌ: "فرَجَع"، أي: جارُ المريضِ؛ "فصِيحَ علَيه"، أي: صرَخَ عليه أهلُه مرَّةً أُخرى؛ فجاء جارُه إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، أي: ظنًّا منه أنَّه قد مات، فقال للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّه قد مات"، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للجارِ: "إنَّه لم يمُتْ، فرجَعَ"، أي: الجارُ، "فصِيحَ علَيه"، أي: صُرِخ عليه مرَّةً ثالثَةً؛ فقالَت امرأتُه للجارِ: "انطَلِقْ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فأخبِرْه"، أي: إنَّه قد مات، فقال الرَّجلُ، أي: الجارُ: "اللَّهمَّ الْعَنْه"؛ وذلك أنَّ زوجَةَ الميِّتِ أخبرَتْه أنَّه نحَرَ نفسَه.
قال جابرٌ: "ثمَّ انطلَقَ الرَّجلُ"، أي: ذهَب لِيتَأكَّدَ مِن مَوتَتِه؛ "فرَآه قد نَحَر"، أي: ذبَح "نفسَه بمِشْقَصٍ معه"، والمِشْقَصُ: سهْمٌ فيه نصْلٌ عرِيضٌ، "فانطلَقَ"، أي: الجارُ "إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فأخبَرَه أنَّه قد مات، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم للجارِ: "وما يُدرِيكَ؟"، أي: كيف علِمتَ بموْتِه؟ قال الجارُ: "رأيتُه ينحَرُ نفسَه بمَشاقِصَ معه"، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مؤكِّدًا على الرَّجلِ رؤْيتَه: "أنتَ رأيْتَه؟"، قال الجارُ: "نعَم"، أي: رأيْتُه، قال: "إذًا لا أُصلِّي عليه"؛ وذلك لأنَّ الرَّجلَ قد قتَل نفسَه، وإذا كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لم يُصَلِّ عليه بنفسِه فإنَّه لم يَنْهَ المسلِمين مِن الصَّلاةِ عليه، ولعلَّ عدَمَ صلاةِ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عليه مِن أجْلِ التَّأديبِ والزَّجْرِ للنَّاسِ؛ حتَّى لا يقَعُوا في الأمُورِ المحرَّمةِ.
وفي الحديث: النَّهيُ الشَّديدُ عن قَتْلِ النَّفْسِ.