حديث أبي ليلى أبي عبد الرحمن بن أبي ليلى 3
مستند احمد
حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن قيس بن مسلم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح خيبر، فلما انهزموا وقعنا في رحالهم، فأخذ الناس ما وجدوا من خرثي، فلم يكن أسرع من أن فارت القدور، قال: «فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفئت، وقسم بيننا، فجعل لكل عشرة شاة»
فَتحَ اللهُ عزَّ وجلَّ على رَسولِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ والمُسلِمينَ خَيْبرَ، وقدْ أَصابوا مِنها خَيرًا كَثيرًا
وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو لَيْلى الأَنْصاريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "شَهِدْتُ معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ فَتْحَ خَيْبَرَ"، وكان ذلك في السَّنةِ السابِعةِ منَ الهِجْرةِ، وخَيْبرُ: قَرْيةٌ تَبعُدُ عنِ المَدينةِ حَوالَيْ 265 كم على طَريقِ الشامِ، "فلمَّا انْهَزَموا"، أي: اليَهودُ، "وَقَعْنا في رِحالِهم"، دخَلْنا في مَساكِنِهم ومَنازِلِهم، "فأخَذَ الناسُ ما وَجَدوا من خُرْثيٍّ"، وهو أثاثُ البيتِ ونَحوُه، أخَذَوه كغَنائمَ، وكان في تلك الغَنائمِ أغْنامٌ كما في بعضِ الرِّواياتِ، "فلم يكُنْ أسْرَعَ من أنْ فارَتِ القُدورُ" إشارةً أنَّهم عَجَّلوا بذَبحِ الماشيةِ التي بالغَنائمِ، وأوْقَدوا عليها فَطَبَخوها دونَ أنْ يَرْجِعوا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فأمَرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ بالقُدورِ فأُكفِئَتْ" فقُلِبَتْ ونُكِسَتْ؛ لأنَّ الغَنيمةَ لم تُقسَمْ بَعدُ وحصَلَ فيها نَهبٌ، والنهْبُ مَنْهيٌّ عنه، وانْتِهابُهم وذَبحُهم يُؤَدِّي إلى حِرْمانِ البَعضِ، ويُفْضي إلى التنازُعِ ووُقوعِ الفِتْنةِ، "وقسَمَ بينَنا، فجعَلَ لكلِّ عَشَرةٍ شاةً"، أيْ أنَّه بعدَ ذلك قسَمَ على الجيشِ منَ الغنائمِ بأنْ جعَلَ لكلِّ عَشَرةِ رجالٍ شاةً تُقسَمُ بينَهم؛ فعلَى الإمامِ يَقسِمَ الطَّعامَ على قَدْرِ الحاجاتِ، ويقولَ لمَن معَه ما يَكْفيه: اكتَفِ بما معَكَ، ولا تُزاحِمِ المُحْتاجينَ. قيلَ: المَأْمورُ بإكْفائِه إنَّما هو المَرَقُ عُقوبةً للذين تَعَجَّلوا، وأمَّا نَفسُ اللحْمِ فلم يَتلَفْ، بل حُمِلَ على أنَّه جُمِعَ ورُدَّ إلى المَغانِمِ لأجْلِ النَّهْيِ عن إضاعةِ المالِ، ويُحمَلُ قولُه في هذا الحَديثِ (وقَسَمَ بينَنا ) أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَسَمَ بينَهمُ اللحْمَ المَطْبوخَ بعدَ رَدِّه إلى المَغانمِ: فكان لكلِّ عَشَرةٍ شاةٌ