حديث زيد بن أرقم 34
مستند احمد
حدثنا يحيى بن آدم، ويحيى بن أبي بكير، قالا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال: سمعت زيد بن أرقم، قال: ابن أبي بكير، عن زيد بن أرقم قال: خرجت مع عمي في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي، فذكره عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلي النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته، فأرسل إلى عبد الله بن أبي ابن سلول وأصحابه، فحلفوا ما قالوا: فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه، فأصابني هم لم يصيبني مثله قط، وجلست في البيت، فقال عمي: ما أردت إلى أن كذبك النبي صلى الله عليه وسلم ومقتك قال: حتى أنزل الله عز وجل: {إذا جاءك المنافقون} [المنافقون: 1] قال: فبعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها ثم قال: «إن الله عز وجل قد صدقك»
كانَ الصَّحابَةُ رَضِي اللهُ عنهم يَتعلَّمونَ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، ثمَّ يُطبِّقونَ ما تَعلَّموه، فتَوافَقُوا في كَثيرٍ مِن الأعمالِ رغْمَ اختِلافِ أماكنِهم
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي عُبيدُ اللهِ بنُ أبي رافعٍ المدنيُّ مَولى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ مَرْوانَ بنَ الحكمِ أميرَ المدينةِ حِين كان واليًا عليها أيَّامَ مُعاوِيةَ بنِ أبي سُفيانَ رَضِي اللهُ عنه، استَخلَفَ أبا هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه على المَدينةِ، وخرَجَ هو إلى مكَّةَ، فصَلَّى بهم أبو هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عنه الجُمُعةَ، وقرَأَ في الرَّكعةِ الأُولى سُورَةَ الجمُعةِ، وفي الرَّكعةِ الأخيرَةِ سُورةَ (المنافِقون)، فذهَبَ ابنُ أبي رافعٍ إلى أَبي هُرَيرةَ حينَ انتهى مِن الصَّلاةِ، فقالَ له: إنَّكَ قرَأتَ بسُورتَينِ كانَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عنه يَقرَأُ بِهما بالكُوفَةِ حِينما كان يُصلِّي إمامًا، وكأنَّ عُبيدُ اللهِ يَتساءَلُ: هلْ هُناكَ سَببٌ لهذا التَّوافُقِ؟ فأخبرَهُ أبو هُريرَةَ رَضِي اللهُ عنه بالسَّببِ الَّذي جعَلَهما يتَوافَقانِ في قِراءتَها في نفْسِ الصَّلاةِ رَغْمَ بُعْدِ أماكنِهما، وهو: أنَّه سَمِعَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يَقرَأُ بهما يومَ الجمُعةِ؛ ولعلَّ ذلكَ لاشتِمالِ سُورةِ (الجمُعةِ) على ذكْرِ الجمُعةِ وتَعظيمِها، ولأنَّ سُورةَ (المنافِقون) فيها تَوبيخٌ للمُنافِقين، وحضٌّ لهم على التَّوبةِ؛ لأنَّهم كانُوا يَحضُرون الجمُعةَ معَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ويَجتمِعُون فيها؛ فلعلَّ ما فيها يَرْدَعُهم، ويُوقِظُهم ويُنبِّهُهم