حديث سليم من بني سلمة
مسند احمد
حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا عمرو بن يحيى، عن معاذ بن رفاعة الأنصاري، عن رجل من بني سلمة يقال له: سليم، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن معاذ بن جبل يأتينا بعدما ننام، ونكون في أعمالنا بالنهار، فينادي بالصلاة، فنخرج إليه فيطول علينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معاذ بن جبل، لا تكن فتانا، إما أن تصلي معي، وإما أن تخفف على قومك "، ثم قال: " يا سليم، ماذا معك من القرآن؟ " قال: إني أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار، والله ما أحسن دندنتك، ولا دندنة معاذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وهل تصير دندنتي، ودندنة معاذ إلا أن نسأل الله الجنة، ونعوذ به من النار "، ثم قال سليم: " سترون غدا إذا التقى القوم إن شاء الله "، قال: والناس يتجهزون إلى أحد، فخرج وكان في الشهداء
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسألُ الصَّحابةَ: كيف تكونُ عبادتُهم وكيف يَكونُ دُعاؤُهم؛ حتَّى يُبيِّنَ لهم إذا ما كانوا على صوابٍ، أو يُصحِّحَ لهم ويُرشِدَهُم إلى ما فيه نَفْعُهم في الدُّنيا والآخرةِ.
وفي هذا الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لرَجُلٍ: "كيف تقولُ في الصَّلاةِ"، يَعْني ما هو الذِّكْرُ والدُّعاءُ الَّذي تَقولُه في صَلاتِك؟ فقال الرَّجُلُ: "أَتَشهَّدُ"، والمرادُ تَشَهُّدُ الصَّلاةِ وهو التَّحيَّاتُ، "وأقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ الجَنَّةَ"، أي: دُخولَها، "وأعوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ"، أي: البُعدِ عنها وعدمِ قُربِها، ثم قال الرَّجُلُ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "أَما إنِّي لا أُحْسِنُ دَنْدَنتَكَ ولا دَنْدنةَ مُعاذٍ"، والدَّنْدنةُ: الطَّنطنةُ، وهي كلامٌ يُسْمَعُ نَغْمتُه ولا يُفْهَمُ، وقيل: الكلامُ الخفيُّ، ومُرادُه: أنَّه لا يُحْسِنُ الأذكارَ والأدعِيَةَ الَّتي يَدْعو بها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في صَلاتِه، ولا يَقْدِرُ على نَظْمِ ألفاظِ الدُّعاءِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "حولَها نُدَنْدِنُ"، أي: حولَ الجَنَّةِ والنارِ وفي طَلبِهما نُدندِنُ، أو فكلُّ الأَدعيةِ التي نَقولُها تَدورُ حولَ نَتيجةِ هذِه الكَلمةِ- (أسألُك الجَنَّةَ وأعوذُ بك مِن النَّارِ)- التي تَقولُها وغايتِها، وهي الوُصولُ إلى الجَنَّةِ والسَّلامةُ مِن النارِ.
وفي الحَديثِ: عَدمُ التَّكلُّفِ في الدُّعاءِ