حديث أبي هريرة الدوسي، عن أبي بن كعب
مسند احمد
حدثنا عبد الله قال: حدثني أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله بن نمير، وهذا لفظ حديث ابن نمير، قال: حدثنا أبو أسامة، عن عبد الحميد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل مثل أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل "
القرآنُ الكريمُ هو كلامُ اللهِ عزَّ وجلَّ، وهو أفضلُ الكلامِ وأعظَمُه، وفي قِراءتِه وتلاوتِه أجرٌ كبيرٌ، وقد خُصَّت بالذِّكرِ بعضُ السُّورِ والآياتِ الَّتي يَكونُ لِقارئِها فضلٌ عظيمٌ في الأجرِ والثَّوابِ، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما أنزَل اللهُ"، أي: مِن الآياتِ، "في التَّوراةِ"، وهو الكتابُ الَّذي أنزَله اللهُ عزَّ وجلَّ على نبيِّه موسى عليه السَّلامُ، "ولا في الإنجيلِ"، وهو الكتابُ الَّذي أنزَله اللهُ عزَّ وجلَّ على نبيِّه عيسى عليه السَّلامُ، "مِثْلَ أمِّ القرآنِ"، أي: شيئًا مِن الآياتِ أو السُّورِ أو مُحتَوى الكتابَين بمِثْلِ فضلِ فاتحةِ الكتابِ، وقيل: سُمِّيَت بأمِّ القرآنِ؛ لأنَّها أوَّلُه ومُتضمِّنةٌ لجَميعِ عُلومِه.
قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وهي السَّبعُ المثاني"، أي: وهي سبعُ آياتٍ، وتُثنَّى في الصَّلاةِ وتُكرَّرُ قِراءتُها في كلِّ ركعةٍ، وقيل: لأنَّها استُثنِيَت لهذه الأمَّةِ فلم تَنزِلْ على أحَدٍ قبلَها ذُخرًا لها، "وهي مقسومةٌ بيني وبين عَبدي"، أي: لأنَّ نِصْفَها ثناءٌ وتمجيدٌ وهو يختصُّ باللهِ تعالى، ونِصْفَها سُؤالٌ وابتهالٌ وهو يَختصُّ بالعبدِ، "ولِعَبدي ما سأل"، أي: ومِن عظيمِ فَضلِ الفاتحةِ: أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يُلبِّي لِمَن يَقرَؤُها ما سأَل في الفاتحةِ مِن طلَبٍ ودُعاءٍ.