حديث عبد الله بن أبي أوفى 8
مستند احمد
حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب، عن القاسم الشيباني، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قدم معاذ اليمن، أو قال: الشام، فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها، فروى في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم، فلما قدم، قال: يا رسول الله، رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها، فروأت في نفسي أنك أحق أن تعظم، فقال: «لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدي المرأة حق الله عز وجل عليها كله، حتى تؤدي حق زوجها عليها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على ظهر قتب لأعطته إياه»
شَدَّدَ الإسلامُ في أمْرِ التوحيدِ وإخلاصِ العِبادةِ للهِ تعالَى، وكذلك شدَّدَ على طاعةِ المَرأةِ لِزَوجِها، ولا تؤدِّي المَرأةُ حَقَّ اللهِ عَزَّ وجَلَّ عليها كُلَّه، حتى تؤدِّيَ حَقَّ زَوجِها عليها كُلَّه
كما يُبيِّن هذا الحَديثُ، وفيه يَقولُ عَبدُ اللهِ بنُ أبي أوْفى رَضيَ اللهُ عنه: "قَدِمَ مُعاذٌ اليَمَنَ -أو قال: الشامَ-، فرَأى النَّصارى تَسجُدُ لِبَطارِقَتِها وأساقِفَتِها" وهي مَراتِبُ لِقَساوِسةِ الكَنيسةِ "فرَوَّى في نَفْسِه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحَقُّ أنْ يُعظَّمَ" كأنَّه رأَى أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوْلى أنْ يَسجُدَ له الناسُ؛ لِأنَّه أعظَمُ مِنَ البَطارِقةِ والأساقِفةِ "فلَمَّا قَدِمَ" رَجَعَ مُعاذٌ إلى المَدينةِ "قال: يا رَسولَ اللهِ، رأيتُ النَّصارى تَسجُدُ لِبَطارِقَتِها وأساقِفَتِها، فرَوَّأْتُ في نَفْسي أنَّكَ أحَقُّ أنْ تُعظَّمَ" فتَسجُدَ لكَ الناسُ، فنَهاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِ السُّجودِ لِغَيرِ اللهِ، كما في رِوايةِ ابنِ ماجَهْ؛ لِأنَّه لا يَحِقُّ لِأحَدٍ أنْ يَسجُدَ لِغَيرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ سَواءٌ كان لِلتَّعظيمِ أم للتَّقديرِ، فَضلًا على أنْ يَكونَ لِلتَّعبُّدِ، ثم قال: "لو كُنتُ آمُرُ أحَدًا أنْ يَسجُدَ لِأحَدٍ" يَعني: لو كان السُّجودُ جائِزًا في حَقِّ العِبادِ بَينَ بَعضِهمُ البَعضِ "لَأمَرتُ المَرأةَ أنْ تَسجُدَ لِزَوجِها" ولكانَ هو الأوْلى بسُجودِ زَوجَتِه له، لِمَا لِلزَّوجِ مِن فَضلٍ وقِوامةٍ تُوجِبُ تلك الطاعةَ يُعطيه تلك الأولويَّةَ، ولِكَثرةِ حُقوقِه عليها، وعَجزِها عنِ القِيامِ بشُكرِه، وفي هذا غايةُ المُبالَغةِ لِوجوبِ طاعةِ المَرأةِ لِزَوجِها، "ولا تؤدِّي المَرأةُ حَقَّ اللهِ عَزَّ وجَلَّ عليها كُلَّه، حتى تؤدِّيَ حَقَّ زَوجِها عليها كُلَّه" فقَرَنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقَّ الزَّوجِ على الزَّوجةِ بحَقِّ اللهِ، فإذا كَفَرتِ المرأةُ حَقَّ زَوجِها، وقد بَلَغَ مِن حَقِّه عليها هذه الغايةَ، كان ذلك دَليلًا على تهاوُنِها بحَقِّ اللهِ. "حتى لو سألَها نَفْسَها" لِلجِماعِ "وهي على ظَهرِ قَتَبٍ" والقَتَبُ لِلجَمَلِ كالإكافِ، وكالبَرذَعةِ لِلحِمارِ. "لَأعطَتْه إيَّاه"، ومَعناه: الحَثُّ على مُطاوَعةِ أزواجِهِنَّ، وأنَّهنَّ لا يَنبَغي لهُنَّ الامتِناعُ في هذه الحالةِ؛ فكيف في غَيرِها؟
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عنِ السُّجودِ لِغَيرِ اللهِ
وفيه: بَيانٌ لِعِظَمِ حَقِّ الزَّوجِ على زَوجَتِه