حديث عبد الله بن حوالة

مستند احمد

حديث عبد الله بن حوالة

 حدثنا يحيى بن إسحاق، عن يحيى بن أيوب، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن ربيعة بن لقيط، عن عبد الله بن حوالة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من نجا من ثلاث، فقد نجا - ثلاث مرات -: موتي، والدجال، وقتل خليفة مصطبر بالحق معطيه "

كان النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجمَعُ لأصْحابِه رضِيَ اللهُ عنهم المواعِظَ وجَوامِعَ الوَصايا؛ ولا رَيْبَ فقَدْ أُوتِيَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جَوامعَ الكَلِمِ، وكان كثيرًا ما يُحذِّرُهم فِتَنَ آخِرِ الزَّمانِ، ويُعدِّدُها لهم؛ حتَّى يَأمَنوا شَرَّها ويَأمَنَها مَن بعْدَهم
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن نَجا مِن ثَلاثِ فِتَنٍ، ولم يُواقِعْها قصْدًا إذا حضَرَتْه، أو أنَّها لمْ تَحضُرْ زمَنَه الَّذي هو فيه؛فقدْ نَجَّاه اللهُ منها، ومِن آثامِها ومُهلكاتِها، ومِمَّا ستُوقِعُه في المُسلِمينَ مِن بَلاءٍ، وجعَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكرِّرُ جُملتَه هذه إسماعًا وتَأكيدًا لأهَمِّيَّتِها
ثُمَّ ذكَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ

أُولى تلكَ الفِتَنِ؛ وهي فِتْنةُ مَوتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والتي تَرتَّبَ عليها انقطاعٌ للوَحْيِ، واختلافُ المُسلِمينَ حتَّى وقَعَ بيْنَ طَوائفِهم قِتالٌ ودِماءٌ، وعلى رأْسِ تلكَ الفِتَنِ وأشهَرُها أيضًا فِتْنةُ المُرتَدِّينَ الَّتي كادتْ أنْ تُغيِّرَ في مَعالِمِ الدِّينِ؛ لسُرعةِ قُربِها مِن مَوتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
والفِتْنةُ الثَّانيةُ: قتْلُ خَليفةٍ مِن خُلَفاءِ المُسلِمينَ «مُصطَبِرٍ بالحقِّ يُعْطيه»؛ أي: صابرٌ ومُرابطٌ على الصَّبْرِ، ويَتعاهَدُه، ومُحتسِبٌ للأجْرِ عليه، وهو على الحقِّ، ويَعمَلُ بِهِ في نفْسِه، ورَعيَّتِه، فيُقتَلُ وهو على ذلكَ. قيلَ: إنَّ هذا إشارةٌ إلى الخَليفةِ الثَّالثِ عُثْمانَ بنِ عَفَّانَ رضِيَ اللهُ عنه، وهو الَّذي قدْ قُتِل صَبْرًا، وأسفَرَ عن قتْلِه فِتْنةٌ عَظيمةٌ في المُسلِمينَ
والفِتْنةُ الثَّالثةُ: المَسيحُ الدَّجَّالُ؛ مَأخوذٌ مِنَ الدَّجَلِ؛ وهو الكَذِبُ، والدَّجَّالُ: شخْصٌ بعَينِه، ابتَلَى اللهُ به عِبادَه، وأقْدَره على أشياءَ مِن مَقدوراتِ اللهِ تَعالَى؛ مِن إحياءِ المَيِّتِ الَّذي يَقتُلُه، ومِن ظُهورِ زَهْرةِ الدُّنْيا والخِصْبِ معَه، وجَنَّتِه ونارِه، ونَهْرَيْهِ، واتِّباعِ كُنوزِ الأرْضِ له، وأمْرِه السَّماءَ أنْ تُمطِرَ؛ فتُمطِرَ، والأرْضَ أنْ تُنبِتَ؛ فتُنبِتَ؛ فيَقَعُ كلُّ ذلكَ بقُدرةِ اللهِ تَعالَى ومَشيئتِه، ثُمَّ يُعجِزُه اللهُ تَعالَى بعْدَ ذلكَ، فلا يَقدِرُ على قتْلِ ذلكَ الرَّجُلِ، ولا غَيرِه، ويَبطُلُ أمْرُه، ويَقتُلُه عِيسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويُثبِّتُ اللهُ الَّذينَ آمَنوا في ذلكَ الوَقتِ
وفي الحَديثِ: الحذَرُ مِنَ الفِتَنِ والوُقوعِ فيها