حديث عبيد بن خالد السلمي 1
مستند احمد
حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله بن ربيعة، عن عبيد بن خالد السلمي، قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين، فقتل أحدهما، ومات الآخر بعده، فصلينا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما قلتم؟» قالوا: دعونا له: اللهم ألحقه بصاحبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فأين صلاته بعد صلاته؟ وأين صومه بعد صومه؟ وأين عمله بعد عمله؟ - شك في الصلاة والعمل شعبة في أحدهما - الذي بينهما كما بين السماء والأرض»
فضلُ اللهِ على عبادِه عَظيمٌ؛ فهُو سُبحانَه يُجزِلُ الثَّوابَ على العباداتِ والطَّاعاتِ، ومَن طالَ عُمرُه وحَسُن عمَلُه فله البِشْرُ مِن اللهِ بحُسْنِ المَثُوبةِ في الآخِرَةِ
وفي هذا الحديثِ يَقولُ عُبيدُ بنُ خالدٍ السُّلميُّ رَضِي اللهُ عنه: "آخَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بينَ رَجُلَين"، أي: جعَلَهما أخَوَينِ في الإسلامِ، يتَحمَّلُ كلُّ واحدٍ مِنْهما عَن الآخَرِ ما يتَحمَّلُه الأخُ، "فقُتِل أحَدُهما وماتَ الآخَرُ بعدَه بجُمعةٍ أو نَحوِها"، أي: بأسبوعٍ أو بما يُقارِبُه، "فصلَّينا عليه"، أي: صَلاةَ الجِنازةِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "ما قُلتُم؟"، أي: في دُعائِكُم للميِّتِ، فقلنا: "دعَوْنا له، وقُلنا: اللَّهمَّ اغفِرْ له وألحِقْه بصاحِبِه"، أي: أنْ يُلحِقَه بصاحِبِه القتيلِ؛ لأنَّ اللهَ يَرفَعُ درجةَ الشُّهداءِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "فأين صَلاتُه بعدَ صَلاتِه، وصومُه بعدَ صومِه- شكَّ شُعبةُ في "صومُه"- وعمَلُه بعدَ عمَلِه؟! إنَّ بينَهما كما بينَ السَّماءِ والأرضِ"، أي: إنَّ الأعمالَ والطَّاعاتِ مِن الصَّلاةِ والصِّيامِ والعمَلِ الصَّالحِ الَّتي زادَها الرَّجلُ الميِّتُ بعدَ أخيه زِيدَتْ له في الدَّرَجاتِ؛ فمَن طال عُمُرُه وحَسُن عمَلُه وأكثَر مِن الطَّاعاتِ فله درجةٌ أرفَعُ، وهذا لا يَدُلُّ على أنَّ كلَّ مَن تأَخَّر عن غيِره أنَّه يَكونُ أفضلَ منه، ولكن يدُلُّ على أنَّ الإنسانَ كلَّما عاشَ وعُمِّر على طاعةِ الله عزَّ وجلَّ، وعلى عمَلٍ صالحٍ، فإنَّه يُكتَبُ له حسَناتُ ذلك
وفي الحديثِ: بيانُ أهمِّيَّةِ الأعمالِ الصَّالحةِ، وأنَّها تَرفَع في درَجاتِ العبدِ عندَ اللهِ
وفيه: أنَّه قد يَكونُ لبَعضِ الَّذين يَموتون على فرُشِهم أجْرٌ أفضلُ ممَّا هو للشَّهيدِ؛ بسَببِ طاعاتٍ أخرى