مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 232
مسند احمد
حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة»
علَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أُمَّتَه وأخبرَها بكُلِّ ما فيه صلاحُها، ومِن ذلك الإخبارُ ببعضِ الأمورِ المُستقبليَّةِ ممَّا أطْلعَه اللهُ تعالَى عليه
وفي هذا الحديثِ يَقولُ عبدُ اللهِ بنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما: صلَّى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إمامًا لنا لَيلةً صَلاةَ العِشاءِ، وهِيَ الَّتي يُسمِّيها الناسُ بِالعَتَمةِ، وتسميتُه العِشاءَ باسمِ العَتَمةِ هنا يدُلُّ على غَلَبةِ استِعمالِهم لها بهذا الاسْمِ، وإنْ كان قدْ جاء تسميتُها في كتابِ اللهِ بـ(العِشاء) في قولِ اللهِ تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: 58]، وورَد النَّهيُ عن تَسميةِ العِشاءِ بالعَتَمةِ، كما في حَديثِ مُسلِمٍ عن ابنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا تَغلِبَنَّكمُ الأعرابُ على اسمِ صَلاتِكُم، ألَا إنَّها العِشاءُ، وهم يُعْتِمونَ بالإبِلِ»؛ فصارَ مَن عرَف النَّهيَ عن ذلك يَحتاجُ إلى ذِكرِه لقَصْدِ التعريفِ. وقدْ ورَدَ كذلك عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه سمَّاها (عتَمةً)، كما في حَديثِ أبي هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه في الصَّحيحينِ: «ولوْ يَعْلمونَ ما في العَتَمةِ والصُّبحِ لأَتوْهُما ولوْ حَبْوًا»؛ فقيل: إنَّه خاطَب بذِكرِ العَتمةِ مَن لا يَعرِفُ العشاءَ إلَّا بهذا الاسمِ؛ فخاطبَهم بما يَعقِلون، أو ذكَر ذلِك لبيانِ عدَمِ الحرَجِ في ذِكرِها، وإنْ كان خِلافَ الأَوْلَى.قال ابنُ عُمرَ رَضيَ اللهُ عنهما: ثُمَّ انصرَفَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن صَلاتِه فأقبْلَ على الحاضِرينَ، وأخبَرَهم أنَّه لن يَبقى بعْدَ مِئةِ سَنةٍ أحدٌ مِنَ المَوجودِينَ على وَجهِ الأَرضِ، ولا يَعْني هذا نَفْيَ عَيشِ أحدٍ بعْدَ تلكَ اللَّيلةِ فَوقَ مِئةِ سَنةٍ، وإنَّما المُرادُ أنَّ كُلَّ مَن كان تلكَ اللَّيلةَ على الأرضِ لا يَعيشُ بعْدَها أكثَرَ مِن مِئةِ سَنةٍ، سواءٌ قَلَّ عُمُرُه بعْدَ ذلك أو لا، وهذا مِن عِلمِ الغَيبِ الذي أطْلعَهُ اللهُ سُبحانَه وتعالَى عليه، وهو مِن بعضِ دَلائلِ صِدقِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ