مسند جابر بن عبد الله رضي الله عنه 233
مسند احمد
حدثنا أبو معاوية، حدثنا بعض، أصحابنا، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات على شيء بعثه الله عليه»
يومُ القِيامةِ يومُ الجَزاءِ على الأعمالِ في هذه الدُّنيا، والجزاءُ يكونُ من جِنسِ العَملِ؛ فيَبعثُ اللهُ كلَّ إنسانٍ على ما ماتَ عليه مِن اعتقادٍ وعملٍ فيُجازِيه عليه، كما يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
في هذا الحَديثِ: "مَن ماتَ على شَيءٍ"، أي: مَن ماتَ على عَمَلٍ مِن الأعْمالِ طاعَةً كانتْ أو مَعصيَةً، "بَعَثَه اللهُ عليه"، أي: بَعَثَه اللهُ عزَّ وجلَّ على هذا العَمَلِ؛ فيَموتُ الإنسانُ على ما عاشَ عليه، ويُراعَى في ذلك حالُ قَلْبِه لا حالُ شَخْصِه؛ فمِن صِفاتِ القُلوبِ تُصاغُ الصُّوَرُ في الدَّارِ الآخِرَةِ، ولا يَنْجو فيها إلَّا مَن أتَى اللهَ بقَلْبٍ سَليمٍ؛ فعلى الإنسانِ أنْ يَجتَهِدَ في فِعْلِ الأعْمالِ الصالِحَةِ؛ لأجْلِ أنْ يَبعَثَه اللهُ عزَّ وجلَّ على عَمَلٍ صالِحٍ، وعليه أنْ يَتَمسَّكَ بالإسلامِ في حَياتِه؛ لِيَموتَ عليه كما قال تَعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، أي: اتَّقوا اللهَ بفِعلِ أوامِرِه واجتنابِ نواهيهِ، وحافِظوا على الإسلامِ في حالِ صِحَّتِكم وسَلامَتِكم؛ لِتَموتوا عليه؛ فإنَّ الكَريمَ قد أجْرى سُنَّتَه بكَرَمِه أنَّه مَن عاشَ على شَيءٍ ماتَ عليه، ومَن ماتَ على شَيءٍ بُعِثَ عليه
وقد جاء في الصَّحيحَينِ مِن حَديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما- وهذا لفظُ أبي داودَ-: "أُتِي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ برَجُلٍ وقَصَتْه راحلتُه، فماتَ وهو مُحرِمٌ، فقال: كفِّنوه في ثَوبيهِ، واغْسِلوه بماءٍ وسِدرٍ، ولا تُخمِّروا رأسَه؛ فإنَّ اللهَ يَبعثُه يومَ القِيامَةِ يُلبِّي"
وفي الحَديثِ: أنَّ الأُمورَ بمَقاصِدِها، وأنَّ المَرءَ يُجازَى بِنِيَّتِه التي لا يَعلَمُها إلَّا اللهُ ويَبعَثُه عليها