حديث محجن بن الأدرع
مستند احمد
حدثنا عبد الصمد، حدثني أبي، حدثنا حسين يعني المعلم، عن ابن بريدة، حدثني حنظلة بن علي، أن محجن بن الأدرع، حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد وهو يقول: اللهم إني أسألك بالله الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم "، قال: فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «قد غفر له، قد غفر له، قد غفر له» ثلاث مرار
كان الصَّحابةُ والتَّابعونَ يَحرِصونَ على مَعرِفةِ هَديِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في عِباداتِه وأحوالِه كُلِّها، كُلُّ ذلك حِرصًا مِنهم على الاقتِداءِ به والعَمَلِ كعَمَلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولمَّا كان أعرَفُ النَّاسِ بأحوالِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أزواجَه، كانوا يَسألونَ زَوجاتِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن عِبادَتِه، ومِن ذلك هَديُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الصِّيامِ، فكان كَثيرَ الصِّيامِ، وكان يواصِلُ الصِّيام، ووِصالُ الصَّومِ: هو مُتابَعةُ بَعضِه بَعضًا دونَ فِطرٍ أو سُحورٍ. تَقولُ مُعاذةُ العَدَويَّةُ إحدى التَّابعيَّاتِ: سَألَتِ امرَأةٌ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها وأنا شاهدةٌ، أي: حاضِرةٌ، عن كَيفيَّةِ وِصالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للصِّيامِ، فقالت لَها عائِشةُ: أتَعمَلينَ كعَمَلِه؟! أي: أتُريدينَ أن تَعمَلي كعَمَلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟ إن كُنتِ تُريدينَ ذلك فلا يُمكِنُك؛ وذلك لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد كان غَفرَ اللهُ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه وما تَأخَّرَ؛ فهو مَغفورُ الذُّنوبِ، ولَكِنَّه كان يَعمَلُ هذه الأعمالَ مِن بابِ النَّافِلةِ، أي: زائِدةً عن حاجةِ النَّجاةِ مِنَ النَّارِ، فكان يُجهِدُ نَفسَه في عِبادةِ اللهِ وطاعَتِه شُكرًا للَّهِ تعالى وطلبًا لمَزيدِ فَضلِه، وزيادةِ الدَّرَجاتِ في الجَنَّةِ. ومُرادُ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها دَفعُ سُؤالِ السَّائِلةِ بأنَّه لا يُمكِنُ المُساواةُ مَعَه، وكَذلك لأنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عنِ الوِصالِ، فكان ذلك عَمَلًا خاصًّا به دونَ أُمَّتِه
وفي الحَديثِ حِرصُ السَّلَفِ على مَعرِفةِ كَيفيَّةِ صيامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه أنَّ عَمَلَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو بمَثابةِ النَّافِلةِ؛ لأنَّه قد غُفِرَ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه وما تَأخَّرَ