خليط الزهو والبسر
سنن النسائي
أخبرنا أحمد بن حفص بن عبد الله، قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم هو ابن طهمان، عن عمر بن سعيد، عن سليمان، عن مالك بن الحارث، عن أبي سعيد الخدري قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلط التمر والزبيب، وأن يخلط الزهو والتمر، والزهو والبسر»
شَدَّدتِ الشَّريعَةُ في أَمْرِ الخَمرِ وسدَّتْ كلَّ ذَريعةٍ لاتِّخاذِها، ومَنعَتِ مِن الطُّرُقِ المُؤدِّيَةِ إلى صُنعِها تحْتَ أيِّ سَببٍ، وأوْضَحت أنَّ تَحريمَ بَعضِ الأشياءِ قدْ يكونُ بسبَبِ مآلاتِ الأمورِ معَها، ولا يكونُ التَّحريمُ لذاتِ الشَّيءِ
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن شَرِبَ النَّبِيذَ مِنكُم فلْيَشْرَبْه زَبِيبًا فَرْدًا، أو تَمْرًا فَرْدًا، أو بُسْرًا فَرْدًا» والمرادُ بالنَّبيذِ: ما يُنقَعُ مِنَ الثِّمارِ -كالزَّبيبِ، أو التَّمْرِ، أو التِّينِ- في الماءِ، ويُتْرَكُ حتَّى يَصيرَ عَصيرًا، ويُشرَبُ قبْلَ أنْ يَختمِرَ ويُصبِحَ مُسكِرًا، والزَّبيبُ هو العِنبُ المجفَّفُ، والبُسْرُ: هو البَلَحُ غيرُ النَّاضِجِ قبْلَ أنْ يَتحوَّلَ رُطَبًا، والتَّمْرُ هو البلَحُ النَّاضِجُ، فنَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَن نَقعِ خَليطَيْنِ مِنَ الزَّبيبِ والتَّمرِ، أَوِ البُسرِ والزَّبيبِ، أوِ التَّمرِ والبُسْرِ، ومَن أراد أنْ يَنتبِذَ فعليْه أنْ يَنقَعَ هَذا وَحْدَه ويَنقَعَ هَذا وَحْدَه، فيَجعَلَ كلَّ نَوعٍ مُنفرِدًا؛ وإنَّما نَهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن خَلْطِ النَّوعينِ عِندَ النَّقعِ؛ لأنَّ الإسكارَ يُسرِعُ إليهما مَع عَدمِ تَغيُّرِ الطَّعمِ؛ إذْ كُلُّ وَاحدٍ يُقوِّي الآخَرَ ويَجعَلُه يَشتَدُّ سَريعًا، فيَظُنُّ الشَّارِبُ أنَّه لَمْ يَبلُغْ حدَّ الإسكارِ وقدْ بلَغَه، فسَدَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَريعَةَ شُرْبِ المُسكِرِ بأنْ نَهى عن خَلْطِهما، ثُمَّ شُرْبِهما بعْدَ ذَلك