ذكر ما يجوز شربه من الطلاء، وما لا يجوز 3
سنن النسائي
أخبرنا سويد، قال: أنبأنا عبد الله، عن هشام، عن ابن سيرين، أن عبد الله بن يزيد الخطمي، قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: «أما بعد، فاطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان، فإن له اثنين ولكم واحد»
كان عُمرُ رَضِي اللهُ عَنه مِثالًا للخَليفةِ الَّذي يَقومُ بين الرَّعيَّةِ بالقِسطِ والعَدلِ، فيُرشِّدُ لهم أُمورَ دِينِهم ودنياهم
وفي هذا الأثرِ يقولُ عامِرُ بنُ عبدِ اللهِ: "قرأتُ كتابَ عُمرَ بنِ الخطَّابِ إلى أبي موسى"، أي: رِسالتَه له، وكان أبو موسى الأشعَريُّ رَضِي اللهُ عَنه أحَدَ عُمَّالِه، وفي الرِّسالةِ: "أمَّا بعدُ، فإنَّها قَدِمَتْ علَيَّ عِيرٌ مِن الشَّامِ"، أي: قافِلةٌ، وتُطلَقُ العِيرُ على الإبلِ، تَحمِلُ نَوعًا مِن أنواعِ الشَّرابِ، "غَليظًا أسوَدَ"، أي: مُتماسِكًا وفيه كَثافةٌ، "كطِلاءِ الإبِلِ"، هذا بَيانٌ لصِفةِ الشَّرابِ، والمرادُ بطِلاءِ الإبِلِ: ما يُطلَى به الجَملُ الأجرَبُ، والمرادُ بالشَّرابِ: هو الشَّرابُ المَطبوخُ مِن العِنبِ حتَّى يَجمُدَ ويتماسَكَ، "وإنِّي سَألتُهم"، أي: سأَلَ أهلَ العِيرِ، "على كَم يَطبُخُونَه؟"، أي: مَتى يكونُ نُضْجُه؟ "فأخبَروني أنَّهم يَطبُخونَه على الثُّلثَين"، أي: إذا تَبخَّرَ منه الثُّلُثان وبَقي الثُّلُثُ، "ذهَبَ ثُلُثاه الأَخْبَثان؛ ثُلُثٌ ببَغْيِه، وثُلُثٌ برِيحِه"، أي: ثُلُثٌ خَبيثٌ بسبَبِ بَغْيِه، وثُلثٌ خَبيثٌ بسببِ رِيحِه؛ فإنَّهما يتَبخَّران منه عند طَبخِه على النَّارِ، "فمُرْ مَن قِبَلَك يَشرَبونَه"، أي: ائْذَنْ لِمَن تحتَك مِن الرَّعيَّةِ أنْ يَشرَبوا هذا الطِّلاءَ إذا ما بَقي ثُلُثُه
وفي الأثَرِ: مَشروعيَّةُ شَرابِ الطِّلاءِ وما عُصِرَ مِنَ العِنَبِ إذا طُبِخَ وذَهَب عنه الخَبثُ والسُّكرُ