رفع اليدين في الدعاء بعرفة 5
سنن النسائي
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، قال: حدثنا أبي، قال: أتينا جابر بن عبد الله، فسألناه عن حجة النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «عرفة كلها موقف»
الحجُّ رُكنٌ مِن أَركانِ الإِسْلامِ، وهوَ عِبادةٌ لمَنِ استَطاعَ إليها سبيلًا، وتُؤخَذُ جميعُ أَعْمالِه مِن سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم
وهذا الحَديثُ يُوضِّحُ جانبًا مِن جَوانبِ حجِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَداعِ، ويُبيِّنُ رِفقَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وشَفقَتَه بأُمَّتِه في الوُقوفِ بعَرفةَ، والمُزدَلِفةِ، وَفي الذَّبحِ في مِنًى؛ حيث قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «نَحرْتُ هَاهنا»، أي: ذَبحْتُ في مَكاني هذا مِن مِنًى، وكان موضِعُ ذَبحِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ الجَمْرةِ الصُّغرى، وهي أوَّلُ جَمْرةٍ بعدَ مَسجِدِ الخَيْفِ بمِنًى، ولَكنْ مَن تَيْسيرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلى الأُمَّةِ أنَّه قالَ: «وَمِنًى كُلُّها مَنحَرٌ»، أي: كُلُّها يَصِحُّ الذَّبحُ والنَّحرُ فيها، فاذْبَحوا في أَماكنِكم وَفي مَنازِلِكم. ومِنًى وادٍ تُحيطُ به الجبالُ، تقَعُ في شَرقِ مكَّةَ، على الطَّريقِ بينَ مكَّةَ وجبلِ عَرفةَ وتَبعُدُ عنِ المسجِدِ الحرامِ نحوَ 6 كم تقريبًا، وهي موضِعُ أداءِ شَعائرِ الحجِّ ومَبيتُ الحجَّاجِ في يومِ التَّرْويةِ ويومِ عيدِ الأضْحى وأيَّامِ التَّشريقِ، وفيها موقِعُ رَميِ الجَمَراتِ، والَّتي تتمُّ بينَ شُروقِ وغروبِ الشَّمسِ في تلك الأيَّامِ منَ الحجِّ، ويُذبَحُ فيها الهَديُ
ثُمَّ قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: «وَقفْتُ هاهنا» في مَكاني بعَرفةَ، «وعَرفةُ كلُّها مَوقِفٌ» يَصحُّ الوُقوفُ بِها يومَ التَّاسعِ مِن ذي الحِجَّةِ. وعَرَفةُ جبلٌ خارجَ حدودِ الحرَمِ على الطَّريقِ الَّذي يربِطُ بينَ مكَّةَ والطَّائفِ، حيث يقَعُ شَرقيَّ مكَّةَ بنحوِ 22 كم، وعلى بُعدِ 10 كم من مِنًى، و6 كم منَ المُزدَلِفةِ
ثُمَّ قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «ووَقفْتُ هاهنا، وجَمْعٌ كلُّها مَوقِفٌ»، أي: وَقفْتُ هَاهنا في المُزدَلِفةِ عندَ المَشعَرِ الحَرامِ، وإنَّ المُزدَلِفةَ كلَّها مكانٌ للوُقوفِ. والمُزدَلِفةُ اسمٌ للمكانِ الَّذي يَنزِلُ فيه الحَجيجُ بعدَ الإفاضةِ مِن عَرَفاتٍ، ويَبيتونَ فيه لَيلةَ العاشرِ مِن ذي الحِجَّةِ، وفيه المَشعَرُ الحرامُ، وتَبعُدُ عن عَرَفةَ حوالَيْ (12 كم)، وهي بجِوارِ مَشعَرِ مِنًى، وسُمِّيَتِ المُزدَلِفةُ (جَمْعًا)؛ لأنَّها يُجمَعُ فيها بيْنَ الصَّلاتَينِ المغربِ والعِشاءِ، وقيلَ: وُصِفَت بفِعلِ أهْلِها؛ لأنَّهم يَجتمِعونَ بها ويَزدَلِفونَ إلى اللهِ؛ أي: يَتقرَّبونَ إليه بالوُقوفِ فيها
وَفي الحَديثِ: صِحَّةُ الوُقوفِ في أيِّ مَكانٍ مِن عَرفةَ أوِ المُزدَلِفةِ
وَفيه: أنَّ مِنًى كلَّها مَنحَرٌ يَصِحُّ ذبحُ الهَديِ في أيِّ موضِعٍ منها
وَفيه: الحثُّ على عَدمِ التَّزاحُمِ في مَشاعرِ الحجِّ والانتِشارِ عَلى عَرضِها وطُولِها