فضل عمار بن ياسر 1
سنن ابن ماجه
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ
عن علي بن أبي طالب، قال: كنت جالسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، فاستأذن عمار بن ياسر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ائذنوا له، مرحبا بالطيب المطيب" (1).
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يذكُرُ فضائلَ أصحابِه، ويُعرِّفُهم بذلك؛ فحفِظَ لبعضِهم مَناقِبَهم وميَّزَهم بميزةٍ خاصَّةٍ بهم، مع ما لكلِّ الصَّحابةِ مِن فضْلٍ ومكانةٍ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضِيَ اللهُ عنه: "كنتُ جالسًا عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فاستأذَنَ عمَّارُ بنُ ياسِرٍ"، أي: طلَبَ الإذْنَ في الدُّخولِ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "ائْذَنوا له"، أي: اسْمَحوا له بالدُّخولِ، ثمَّ قال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مرحبًا"، وقولُهم في تحيَّةِ الوارِدِ والقادِمِ: أهلًا ومرحبًا، أي: أتيْتَ سَعَةً، وأتيْتَ أهْلًا، فاستأنِسْ، ولا تَستوحِشْ. وقيل: معنى "مرحبًا": انزِلْ في الرَّحبِ والسَّعةِ، وأقِمْ؛ فلك عندنا ذلك. وقيل: معناه: رحَّبَ اللهُ بك مرحبًا، كأنَّه وُضِعَ موضِعَ التَّرحيبِ، "بالطَّيِّبِ المُطَيَّبِ"، أي: الطَّاهِرِ المُطَهَّرِ، كأنَّه جُبِلَ على الاستقامةِ والسَّلامةِ، ثمَّ زاده اللهُ تعالى ذلك بما أعطاه مِن عِلمِ الكِتابِ والسُّنَّةِ، فقيل: الطَّيِّبُ المُطَيَّبُ. وفي روايةٍ أُخرى: أنَّ عمارًا دخَلَ على عليٍّ، فقال: مرحبًا بالطيِّب المطيَّبِ! سمعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: "مُلِئَ عمَّارٌ إيمانًا إلى مُشاشِه"، والمُشاشُ: هي رُؤوسُ العِظامِ؛ كالمِرْفَقينِ والكَتِفَينِ والرُّكبتينِ، أي: امتلَأَ بالإيمانِ حتَّى وصَلَ إلى رُؤوسِ عِظامِه، فتخلَّلَ الإيمانُ كلَّ جسَدِه.
وفي الحديثِ: بيانُ مَنْقَبةٍ جليلةٍ لعمَّارِ بنِ ياسرٍ رضِيَ اللهُ عنه.