فضل عمر رضي الله عنه 2
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن عبيد أبو عبيد المديني، حدثنا عبد الملك بن الماجشون، حدثني الزنجي بن خالد، عن هشام بن عروة، عن أبيه
عن عائشة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة" (2).
لأميرِ المؤمنِينَ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ مناقِبُ كثيرةٌ وفضائلُ عظيمةٌ، وقد جعَلَ اللهُ إسلامَه نصرًا للمُسلمينَ، كما تُخْبِرُ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها في هذا الحديثِ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "اللَّهُمَّ"، أي: يا أللهُ وهذا مِن صِيَغِ الدُّعاءِ، "أعِزَّ الإسلامَ بعُمَرَ بنِ الخطَّابِ خاصةً"، أي: قَوِّه، وانصُرْه به، واجْعَلْه غالِبًا على الكُفْرِ.
ومن المعلومِ أنَّ دِينَ اللهِ عزيزٌ على كلِّ حالٍ، ولكنَّ قولَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا مِن قَبِيلِ قولِه تعالى: {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} [يس: 14]، أي: قَوَّيْنا الرَّسولينِ وما أُتِيَا مِن الدِّينِ برجُلٍ ثالثٍ، وفي روايةٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "اللَّهُمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحَبِّ هذَيْنِ الرَّجُلينِ: بأبي جهلٍ أو بعُمَرَ" وكان أحبَّهما إليه عمَرُ، وقدِ استجابَ اللهُ سُبحانَه وتعالى دُعاءَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ فقد أعَزَّ اللهُ تعالى بإسلامِه رضِيَ اللهُ عنه الإسلامَ وأهْلَه؛ لِمَا كان فيه مِن الجَلَدِ والقُوَّةِ في أمْرِ اللهِ، ففي الصَّحيحِ: عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه، قال: "ما زِلْنا أعِزَّةً منذُ أسلَمَ عمَرُ"، وقال أيضًا: "كان إسلامُ عمَرَ عِزًّا، وهجْرَتُه نَصْرًا، وإمارتُه رحمةً، واللهِ ما استطَعْنا أنْ نُصَلِّيَ حولَ البيتِ ظاهرينَ حتَّى أسلَمَ عمَرُ"، ومِن إعزازِ اللهِ للدِّينِ بعُمَرَ: ما كان في خِلافَتِه مِن فُتوحاتِ البلادِ، وكَثرةِ إيمانِ العِبادِ، وفيما بينهما مِن غِلْظتِه على المُنافقينَ والمُشركينَ، كما في قولِه تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: 29]، بل وما تَمَّ أمْرُ خِلافةِ الصِّدِّيقِ وجهادُه مع المُرتدِّينَ إلَّا بمعونَتِه، وما فُتِحَ بابُ النِّزاعِ والمُخالَفَةِ الباعِثةِ على المُقاتلَةِ فيما بين المُسلمينَ إلَّا بعدَ موتِه وبعدَ غَيْبَتِه.