فضل عمر رضي الله عنه 4
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف، حدثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن غضيف بن الحارث
عن أبي ذر، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الله وضع الحق على لسان عمر، يقول به" (3).
كان عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه رجُلًا مُلهَمًا، ذا فِراسَةٍ حادَّةٍ، وبصيرةٍ متوقِّدةٍ، وكان ربَّما نطَقَ ببعضِ القُرآنِ قبلَ أن يَنزِلَ به جبريلُ، وأحيانًا أخرى كان الوحيُ يَنزِلُ فيُؤيِّدُ رأيَه مِن فوقِ سَبعِ سَمواتٍ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ اللهَ جعَل الحَقَّ على لسانِ عُمرَ وقَلبِه"، أي: إنَّ اللهَ سدَّد عُمرَ ووفَّقه وأجْرى الحقَّ على لِسانِه وثبَّته في قلبِه، "وقال ابنُ عُمرَ"، أي: عبدُ اللهِ بنُ عمرَ بنِ الخَطابِ: "ما نزَل بالنَّاسِ أمرٌ قطُّ، فقالوا فيه، وقال فيه عمرُ- أو قال ابنُ الخطَّابِ فيه- شكَّ خارِجةُ"، أي: الشَّكُّ مِن الرَّاوي خارِجَةَ- إلَّا نزَل فيه القرآنُ على نحوِ ما قال عُمرُ"، أي: ما حدَث شيءٌ، فاختَلَف النَّاسُ فيه فقالوا برأيِهم واجتهادِهم، وقال عُمرُ رأيَه واجتِهادَه إلَّا نزَل القرآنُ مُوافِقًا لرأيِ عُمرَ واجتهادِه، وهذا توفيقٌ مِن اللهِ وتسديدٌ لِعُمرَ رَضِي اللهُ عَنه، وممَّا ورَد مِن ذلك قولُ عُمرَ رضِيَ اللهُ عنه للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "لو اتَّخَذتَ مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصلًّى!"، فأنزل اللهُ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]، ومِن ذلك رأيُه ألَّا يُصلِّيَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على المنافِقين، وفي حِجابِ زَوجاتِ النَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، ورأيُه في أَسارى بدرٍ.