فضل من صلى عليه مائة 2
سنن النسائي
أخبرنا عمرو بن زرارة، قال: أنبأنا إسمعيل، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عبد الله بن يزيد، رضيع لعائشة رضي الله عنها، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يموت أحد من المسلمين فيصلي عليه أمة من الناس فيبلغوا أن يكونوا مائة، فيشفعوا إلا شفعوا فيه»
دِينُ الإِسْلامِ دِينُ فضْلٍ مِنَ اللهِ وعَطاءٍ كَبيرٍ، وقدْ جعَلَ المُسلمينَ شُفعاءَ لبَعضِهمُ البَعضَ، وحثَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلى أنْ يَشهَدَ المُسلمُ جِنازةَ أَخيهِ المُسلمِ، وجعَلَ ذلكَ حقًّا مِن حُقوقِ المُسلمينَ عَلى بَعضِهم
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا مات مُسلمٌ وصلَّتْ عليهِ جماعةٌ مِنَ المُسلمينَ يَبلُغ عددُها مائةَ شخصٍ، «كُلُّهم يَشفَعونَ لَه»، أي: يَسأَلونَ له منَ اللهِ تعالى التَّجاوُزَ عن ذُنوبِه، وجَرائمِه ويَدْعونَ له بالخَيرِ، فمَن كانت هذه حالَه قُبِلَت شَفاعةُ النَّاسِ فيه ودُعاؤُهم في حقِّه، وَقد قُيِّدَ ذلكَ بأَمرَينِ: الأَوَّلُ: أنْ يَكونوا شافِعينَ فيهِ، أي: مُخلِصينَ لَه الدُّعاءَ سائلينَ لَه المَغفرةَ. الثَّاني: أنْ يَكونوا مُسلِمينَ يبلُغُ عَددُهمُ المائةَ، وليسَ فِيهم مَن يُشرِكُ باللهِ شيئًا
وقد وردَتْ أحاديثُ أُخْرى بأقلَّ مِن هذا العدَدِ كأرْبَعينَ أو ثَلاثةِ صُفوفٍ؛ فقيلَ: لا يَلزَمُ مِنَ الإخْبارِ عن قَبولِ شَفاعةِ مائةٍ مَنْعُ قَبولِ ما دونَ ذلك، وكذا في الأربَعينَ معَ ثَلاثةِ صُفوفٍ، وحينَئذٍ تكونُ كلُّ الأحاديثِ مَعمولًا بها، وتَحصُلُ الشَّفاعةُ بأقلِّ الأمرَينِ؛ مِن ثلاثةِ صُفوفٍ أو أربَعينَ
وفي الحَديثِ: الحَثُّ عَلى تَكثيرِ جَماعةِ الجِنازةِ، ويُطلَبُ بُلوغُهم إلى هذا العددِ الَّذي يَكونُ مِن مُوجِباتِ الفَوزِ
وفيهِ: أنَّ المصلِّينَ عَلى الميِّتِ شُفعاءُ فيهِ
وفيهِ: التَّنبيهُ عَلى الإِخْلاصِ في الدُّعاءِ للميِّتِ