قتل النمل 2
سنن النسائي
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا النضر وهو ابن شميل، قال: أنبأنا أشعث، عن الحسن، «نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة، فأمر ببيتهن، فحرق على ما فيها، فأوحى الله إليه فهلا نملة واحدة» وقال الأشعث: عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وزاد فإنهن: «يسبحن»
جاء الإسلامُ بالرَّحمةِ لكُلِّ الخَلْقِ؛ إنْسًا وجِنًّا، وحَيَوانًا وطَيرًا؛ فإنَّ رَحمَتَه تَعدَّدتْ لِجَميعِ المَخلوقاتِ، ونَهى عن القَتلِ عَبَثًا، أو مِن غَيرِ مَصلَحةٍ، وفي الوَقتِ ذاتِه حافَظَ على مَصالِحِ النَّاسِ مِنَ الضَّرَرِ والأذى، ولذلك عاتَبَ اللهُ تعالَى نَبيًّا مِن الأنبياءِ لَمَّا أحرَقَ قَريةَ النَّملِ -وهو مَكانُ تَجمُّعِهم- بسَببِ أنَّ نَملةً قَرَصَتْه، فأوْحَى إليه: «أنْ قَرصَتْكَ نَملةٌ أحرَقتَ أُمَّةً مِنَ الأُمَمِ تُسبِّحُ!» يَعني: مِن أجْلِ أنَّ نَملةً واحِدةً قَرَصتْكَ تُحرِقُ أُمَّةً كامِلةً مِنَ النَّملِ تُسبِّحُ اللهَ
وهذا عِتابٌ على تَركِ الأفضلِ؛ فإنَّه لوِ اقتَصَرَ على مُعاقَبةِ النَّملةِ التي قَرَصتْه وَحدَها، لَمَا حَدَثَت المُعاتَبةُ، ولكِنَّه عُوتِبَ لَمَّا تَجاوَزَ ذلك إلى التَّجبُّرِ بحَرقِ قَريةِ النَّملِ كُلِّها
وفي الحَديثِ: أنَّ العِقابَ يَكونُ على قَدْرِ الجُرمِ، ولا يَتعَدَّى إلى غَيرِ فاعِلِه
وفيه: التَّغليظُ في أمْرِ حَرقِ ذَواتِ الأرواحِ بالنَّارِ