قراءة بعض السورة
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن علي قال: حدثنا خالد قال: حدثنا ابن جريج قال: أخبرني محمد بن عباد حديثا رفعه إلى ابن سفيان، عن عبد الله بن السائب، قال: «حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فصلى في قبل الكعبة، فخلع نعليه فوضعهما عن يساره، فافتتح بسورة المؤمنين، فلما جاء ذكر موسى أو عيسى عليهما السلام أخذته سعلة فركع»
كانَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يَتعلَّمونَ من أفعالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكانوا يُلاحِظونَه في كلِّ أحوالِه، فيَستنُّون بهَديِه، وخاصَّةً في العِباداتِ، ويَنقُلون عنه كلَّ التَّفاصيلِ؛ حتَّى يُعلِّموا مَن بعدَهم
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ السَّائبِ رَضيَ اللهُ عنه عن بعضِ ما كانَ من أحوالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صَلاةِ الصُّبحِ، فيُخبِرُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَمَّهم في صَلاةِ الصُّبحِ، وذلك في العامِ الذي وقَعَ فيه فَتحُ مَكَّةَ، وكان ذلك في العامِ الثَّامنِ مِنَ الهِجرةِ، فقَرَأ بعدَ الفاتحةِ سُورةَ المؤمِنينَ، فظَلَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقرَأُ حتَّى وَصَل في قِراءتِه إلى الآيةِ التي فيها ذِكرُ مُوسى وهارونَ، وهي قولُ اللهِ تَعالَى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [المؤمنون: 45]، أو ذِكرُ عيسى، وهي قولُه تَعالَى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [المؤمنون: 50]، وهذا الشَّكُّ من أحدِ رُواةِ الحَديثِ: محمَّدِ بنِ عبَّادٍ، أو غيرِه. قالَ السَّائبُ رَضيَ اللهُ عنه: «فأخذَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَعْلةٌ» وقتَ وُصولِه إلى ذِكرِ آيةِ مُوسى أو عيسى، والسَّعلةُ: هي الشَّهقَةُ، أو الشَّرقَةُ التي تُصيب الرِّئةَ، فشَرَع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الرُّكوعِ دونَ إتمامٍ للسُّورةِ، وكان عبدُ اللهِ بنُ السَّائبِ حاضرًا ذلك، فرَوَى فِعلَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وفي رِوايةٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «حذَفَ فركَعَ»، أي: تَوقَّفَ عنِ القِراءةِ وأنهاها على ما وصَلَ إليه، وركَعَ، ولم يُواصِلْ قراءةَ بَقيَّةِ السُّورةِ
وفي الحديثِ: انتقالُ مَن أصابَه عارِضٌ وهو في قِراءتِه في الصَّلاةِ إلى الرُّكوعِ دُونَ إتمامٍ للقِراءةِ