تزويج الزانية 2
سنن النسائي
أخبرنا محمد بن إسمعيل بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا حماد بن سلمة، وغيره، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، وعبد الكريم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن عباس، عبد الكريم، يرفعه إلى ابن عباس، وهارون لم يرفعه، قالا: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن عندي امرأة، هي من أحب الناس إلي، وهي لا تمنع يد لامس، قال: «طلقها»، قال: لا أصبر عنها، قال: «استمتع بها» قال أبو عبد الرحمن: «هذا الحديث ليس بثابت، وعبد الكريم ليس بالقوي، وهارون بن رئاب أثبت منه وقد أرسل الحديث، وهارون ثقة، وحديثه أولى بالصواب من حديث عبد الكريم»
المُؤمِنُ الحقُّ يَحفَظُ نفسَهُ وأهْلَهُ من الوُقوعِ في الشُّبُهاتِ، وخاصَّةً عِندَ اختِيارِ الزَّوْجةِ، فعليه مُراعاةُ صِفاتِ الدِّينِ والخُلُقِ في الزَّوْجةِ، وإذا اكتَشَفَ في الزَّوْجةِ عِوَجٌ، فعليه أنْ يُقوِّمَها ويُصلِحَها
وفي هذا الحَديثِ يقولُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "جاءَ رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" شاكِيًا ومُستَفسِرًا "فقالَ: إنَّ امرَأتي لا تَمنَعُ يَدَ لامِسٍ"، قيلَ: مَعْناهُ الرِّيبةُ، وأنَّها مُطاوِعةٌ لِمَن أرادَها في الفاحِشةِ لا ترُدُّ يَدَهُ، وقيلَ: مَعْناها إجابَتُها لِمَن أرادَها، وأنَّها تُعطِي من مالِ زَوجِها مَنْ يَطلُبُ منها، "قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "غَرِّبْها" بمَعْنى أبْعِدْها عنكَ، يُريدُ بذلِكَ الطَّلاقَ، وأصْلُ الغَربِ البُعْدُ، فقالَ الرَّجُلُ: "أخافُ أنْ تَتَّبِعَها نَفْسي" كِنايةٌ عن عَدَمِ رَغبَتِهِ في البُعدِ عنها، وأنَّه لا يَستَطيعُ مُفارَقَتَها لِحُبِّهِ إيَّاها، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "فاسْتَمْتِعْ بها"، والاستِمْتاعُ من الشَّيءِ الانتِفاعُ به، والمُرادُ تَمتَّعْ منها بقَدْرٍ فلا تَمَسَّها إلَّا بقَدْرِ ما تَقْضي مُتْعةَ النَّفْسِ منها ومِن وَطئِها، وخَشِيَ عليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنْ هو أوجَبَ عليه طَلاقَها أنْ تَتوقَ نَفسُهُ إليها فيقَعَ في الحَرامِ
وفي هذا الحَديثِ: دَفعُ الضَّرَرِ المُتحَقَّقِ بارْتِكابِ الضَّرَرِ المُتوَهَّمِ
وفيه: الحثُّ على اختِيارِ الزَّوْجةِ الصَّالِحةِ
وفيه: الحثُّ على طَلاقِ صاحِبةِ الرِّيبةِ