باب: كراهية تزويج الزناة
سنن النسائي
أخبرنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا يحيى، عن عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تنكح النساء لأربعة: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك "
دَعا الإسلامُ إلى النِّكاحِ وحثَّ عليه، ووجَّهَ لِحُسنِ اختيارِ الزَّوجةِ، وللنَّاسِ في الاختيارِ مَذاهِبُ، ولهمْ في أوْصافِ النِّساءِ مَطالِبُ وقدْ أخبرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
في هذا الحديثِ بِأوصافِ المرأةِ الَّتي يَتعلَّقُ بها النَّاسُ في الزَّواجِ، وهي المالُ، والحسَبُ، والجَمالُ، والدِّينُ، ثُمَّ نصَحَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِاعتبارِ الدِّينِ، وأنْ يُجعَلَ عليه المعوَّلُ في اختيارِ الزَّوجةِ؛ لأنَّ اختيارَ ذاتِ الدِّينِ يَترتَّبُ عليه سَعادةُ الدَّارَينِ: الدُّنيا والآخرةِ، وقولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «تَرَبتْ يَداك»، أي: الْتَصَقتْ بِالتُّرابِ، ويقالُ على مَنِ افتقرَ: تَرِبتْ يداه، وهذه الجملةُ جاريةٌ على ألْسنةِ العربِ، لا يُريدونَ بها الدُّعاءَ على المخاطَبِ ولا وُقوعَ الأمرِ به، والمرادُ بها الحثُّ والتَّحريضُ؛ فَالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يحُثُّ على الظَّفَرِ والفَوزِ بصاحِبةِ الدِّينِ؛ لأنَّ النَّاسَ في العادةِ يقصِدون في التزوُّجِ الخِصالَ الثَّلاثَ الأخرى ويؤخِّرون ذاتَ الدِّينِ، فأمَرَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُقَدِّمَ ما أخَّروه، يعني: فاظفَرْ أنت أيها المسترشِدُ بذاتِ الدِّينِ وفُزْ بها؛ فإنها تَكسِبُك منافِعَ الدَّارَينِ، ولا مانِعَ منِ اختيارِ المرأة الجَميلةِ أوِ الحَسيبةِ والنَّسيبةِ، لكِنْ شَريطةَ أنْ تكونَ ذاتَ دِينٍ
وفي الحَديثِ: تَفضيلُ ذاتِ الدِّينِ مِنَ النِّساءِ على غيرِها
وفيه: الحثُّ على مُصاحبةِ أهلِ الصَّلاحِ في كلِّ شَيءٍ؛ لأنَّ مَن صاحَبَهم يَستفيدُ مِن أخلاقِهم ويَأمَنُ المَفسدةَ مِن جِهتِهم