تزويج الزانية 1

سنن النسائي

تزويج الزانية 1

 أخبرنا إبراهيم بن محمد التيمي، قال: حدثنا يحيى هو ابن سعيد، عن عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي، وكان رجلا شديدا، وكان يحمل الأسارى من مكة، إلى المدينة، قال: فدعوت رجلا لأحمله، وكان بمكة بغي يقال لها: عناق، وكانت صديقته، خرجت فرأت سوادي في ظل الحائط، فقالت: من هذا مرثد، مرحبا وأهلا يا مرثد، انطلق الليلة فبت عندنا في الرحل، قلت: يا عناق، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الزنا، قالت: يا أهل الخيام، هذا الدلدل، هذا الذي يحمل أسراءكم من مكة إلى المدينة، فسلكت الخندمة، فطلبني ثمانية، فجاءوا حتى قاموا على رأسي، فبالوا، فطار بولهم علي، وأعماهم الله عني، فجئت إلى صاحبي، فحملته، فلما انتهيت به إلى الأراك، فككت عنه كبله، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أنكح عناق، فسكت عني، فنزلت: {الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك} [النور: 3]، فدعاني، فقرأها علي وقال: «لا تنكحها»

لَمَّا جاء الإسلامُ هذَّبَ كلَّ ما كان موجودًا من عاداتِ الجاهليَّةِ وآدابِها؛ فما كان مِن جميلِ الصِّفاتِ والآدابِ؛ كالكَرَمِ والشَّجاعةِ أَقَرَّه ومَدَحه، وما كان مِن مَساوِئِ الأخلاقِ؛ كشُرْبِ الخمورِ وإتيانِ الفواحِشِ حَرَّمه وذَمَّه
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ رَضِيَ اللهُ عنهما: "أنَّ مَرْثَدَ بنَ أَبِي مَرْثَدٍ الغَنويَّ كان يَحمِلُ الأُسارى بمَكَّةَ"، أي: يَنقُلُ الأُسارى مِن مَكَّةَ إلى المدينةِ، والأُسارى جَمْعُ أسيرٍ، وهو مَنْ يُؤخَذُ مِنَ العَدوِّ، "وكان بِمَكَّةَ بَغِيٌّ يُقالُ لها: عَناقُ"، أي: اسْمُها عَناقُ، والبَغِيُّ: المرأةُ الزَّانيةُ تَأخُذُ على زِناها أَجْرًا، "وكانتْ صديقتَهُ"، أي: صديقةَ مَرْثَدٍ قَبْلَ الإسلامِ، قال مَرْثَدٌ: "جئتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أَنْكِحُ عَناقَ؟"، أي: هلْ لِي أنْ أَتزوَّجَ مِن عَناقَ؟ قال مَرْثَدٌ: "فسَكَتَ عَنِّي"، أي: سَكَتَ عنهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولم يُجِبْه، "فنَزَلتْ"، أي: قَولُه تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3]
قال مَرْثَدٌ: "فدَعاني"، أي: فطَلَبني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فقَرَأها عليَّ"، أي: فَقَرَأ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليه تِلْك الآيةَ، وقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا تَنْكِحْها"، أي: لا تتزوَّجْها
وفي الحَديثِ: النَّهيُ عن زَواجِ البَغايا