كراهية تزويج العقيم
سنن النسائي
أخبرنا عبد الرحمن بن خالد، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أنبأنا المستلم بن سعيد، عن منصور بن زاذان، عن معاوية بن قرة، عن معقل بن يسار، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب، إلا أنها لا تلد، أفأتزوجها؟ فنهاه، ثم أتاه الثانية، فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فنهاه، فقال: «تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم»
الزَّواجُ سُنَّةُ الأنبياءِ، وقد حثَّنا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليه؛ لأنَّ به تَكثيرًا لسَوادِ المسلِمينَ في الدُّنيا والآخِرةِ
وفي هذا الحَديثِ يقولُ مَعْقِلُ بنُ يَسارٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: "جاء رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: إنِّي أَصْبتُ"، أي: وجَدْتُ امرأةً "ذاتَ حَسَبٍ وجمالٍ"، أي: تُميَّزُ بأنَّها جميلةٌ، وأنَّها ذاتُ نَسَبٍ، "وإنَّها لا تَلِدُ"، أي: ولكِنَّ عَيْبَها أنَّها لا تُنجِبُ الأولادَ، وكأنَّهُ عَلِمَ ذلك بأنَّها كانت قَبْلَه عِنْدَ أزواجٍ فلَمْ تَلِدْ، أو عَلِمَ أنَّها لا تَحيضُ، أو غيرَ ذلك، "أَفأتزَوَّجُها؟"، أي: فهل أَتزوَّجُها؟ مُسْتنصِحًا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا"، أي: لا تَتزوَّجْها
قال مَعْقِلٌ: "ثُمَّ أَتاه الثَّانيةَ"، أي: جاء الرَّجُلُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسألُه في المرأةِ ذاتِها مرَّةً ثانيةً، فنهاه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن زَواجِها، "ثُمَّ أتاه الثَّالثةَ"، أي: سألَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للمرَّةِ الثَّالثةِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "تَزوَّجوا الوَدُودَ"، أي: الَّتي تُحِبُّ زَوْجَها مَحبَّةً شديدةً، "الوَلودَ"، أي: كثيرةَ الوِلادَةِ، ويُعْرَفُ ذلك بالنَّظرِ إلى نِسائِها القَريبةِ منها؛ كأُمِّها، وأُخْتِها؛ "فإنِّي مُكاثِرٌ بكُمُ الأُمَمَ"، أي: مُفاخِرٌ بكثرتِكُمُ الأممَ السَّابِقةَ على أنبيائِها يومَ القيامةِ
وفي الحَديثِ: التَّرغيبُ في التزويجِ بالودودِ الولودِ؛ لِمَا في ذلك مِن نفْعٍ يَعودُ على الزوجِ والأُمَّةِ في الدُّنيا والآخرةِ