كتاب اللقطة
حدثنا محمد بن رافع وهارون بن عبد الله - المعنى - قالا حدثنا ابن أبى فديك عن الضحاك - يعنى ابن عثمان - عن سالم أبى النضر عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد الجهنى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن اللقطة فقال « عرفها سنة فإن جاء باغيها فأدها إليه وإلا فاعرف عفاصها ووكاءها ثم كلها فإن جاء باغيها فأدها إليه ».
المفردات:
زيد بن خالد: هو أبو عبدالرحمن - ويقال: أبو طلحة - زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، قال أبو عمر: كان صاحب لواء جُهَينة عام الفتح، وقد أُثر عن بعض الجُهَنيِّين أنه قيل له: لماذا نبُه زيد بن خالد فيكم، وليس مِن أسبقكم إسلامًا؟ فأجاب: لأنه ما كان يُقَرُّ سخطٌ لله بجواره، قيل: توفي سنة ثمان وسبعين، وقال ابن سعد: مات في آخر أيام معاوية رضي الله عنهما
جاء رجل: هذا الرجل هو سويد الجهني رضي الله عنه؛ كما استظهر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح، وهو أعرابي من جُهَينة، وهو والد عُقبة بن سويد الجهني.
عِفَاصها: العِفَاص - بكسر العين وتخفيف الفاء بعدها ألف ثم صاد - هو الوعاء الذي تكون فيه النفقة جلدًا كان أو غيره، قال الحافظ في الفتح: وقيل له: العفاص أخذًا من العفص، وهو الثني؛ لأن الوعاء يثنى على ما فيه؛ اهـ.
ووكاءها: الوِكاء هو الحبل الذي يشد به الوعاء.
عرِّفها سنة: أي كرِّر الإعلان عن وجود لُقَطة لديك لمدة عام.
فإن جاء صاحبها: أي إن جاء الذي هي له وعرَّفها، فهو أحق بها فأدِّها إليه.
وإلا فشأنَك بها: أي وإن لم يجيء صاحبُها إلى سنة، فاستمتع بها.
قال: فضالَّة الغنم: أي قال الرجل السائل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما حكم ضالة الغنم؟ والضالة من الحيوان كاللقطة من غيره، وهو ما لم يعرف له صاحب، ويقال له أيضًا: "الضائع".
هي لك أو لأخيك أو للذئب؛ أي: إن أخذتها صُنْتها لنفسك أو لصاحبها، وإن لم تأخذها أخَذَها الذئب.
معها سقاؤها: أي معها كرشها؛ ففيه رطوبة تغنيها أيامًا.
وحذاؤها؛ أي: خُفَّاها؛ فهي تقوى بأخفافها على وُرود الماء والشجر لتشرب وترعى.
حتى يلقاها ربها؛ أي: حتى يجدَها صاحبها.
البحث:
جاء في حديث الباب عن زيد بن خالد هنا: ((اعرِفْ عِفاصها ووِكاءها)).
وجاء في لفظ لمسلم من طريق بشير بن سعيد عن زيد بن خالد: ((فاعرِفْ عِفاصها ووِعاءها وعددها)).
وفي لفظ للبخاري من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((احفَظْ وعاءها وعددها ووكاءها)).
وفي لفظ لمسلم من حديث أبي بن كعب: ((احفَظ عددها ووعاءها ووكاءها)).
وفي لفظ لمسلم من حديث يحيى عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد: ((ثم عرِّفها سَنة، فإن لم يجِئ صاحبُها كانت وديعةً عندك)).
وقد أورده البخاري أيضًا من حديث يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد: ((اعرِفْ عِفاصها ووكاءها، ثم عرِّفها سنة))، يقول يزيد: إن لم تُعتَرف استنفق بها صاحبها، وكانت وديعة عنده، قال يحيى: فهذا الذي لا أدري أفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو، أم شيء من عنده؛ اهـ.
وسيأتي النهي عن لُقَطة الحاجِّ في الحديث الخامس من أحاديث هذا الباب إن شاء الله تعالى.
ما يستفاد من ذلك:
1- أنه لا يحل لمسلم أن يلتقط لقطة إلا بقصد تعريفها.
2- أنه يُعرِّفها سَنة وتكون وديعةً عنده.
3- أنه يعرف عِفاصها ووكاءها وعددها إن كانت معدودةً.
4- أنه إن جاء صاحبها دُفعت إليه بعد أن يَعرِفَ عِفاصها ووكاءها وعددها.
5- أنه إن عَرَّفها سَنة ولم يجيء صاحبها استنفقها.
6- أنه إذا استمتع بها، ثم جاء صاحبها أدَّاها له إن كانت موجودةً أو أدَّى له قيمتها.
7- أن ضالَّة الغنم يجوز أخذها والانتفاع بها، فإن جاء صاحبها بعد أكله لها أدَّى قيمتها له.
8- أنه لا يجوز أخذُ ضالة الإبل.