كتاب تقصير الصلاة في السفر 2
سنن النسائي
أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن ابن شهاب، عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أمية بن عبد الله بن خالد أنه قال لعبد الله بن عمر: إنا نجد صلاة الحضر، وصلاة الخوف في القرآن، ولا نجد صلاة السفر في القرآن، فقال له ابن عمر: «يا ابن أخي، إن الله عز وجل بعث إلينا محمدا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئا، وإنما نفعل كما رأينا محمدا صلى الله عليه وسلم يفعل»
لقد فَصَّلَتِ السُّنَّةُ ما أُجْمِلَ في القُرآنِ من الأحكامِ
وفي هذا الخَبرِ يَحكي أُميَّةُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ خالدٍ: "أنَّه قال لعبدِ اللهِ بنِ عُمرَ: إنَّا نجِدُ صَلاةَ الحضَرِ وصَلاةَ الخوفِ في القُرآنِ"، وصلاةُ الحضَرِ هي محَلُّ الأوامرِ المُطلَقةِ، وصلاةُ الخوفِ مَذكورةٌ في قولِه تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] "ولا نجِدُ صَلاةَ السَّفرِ؟"، أي: ولا نجِدُ ذِكْرًا لصلاةِ القَصْرِ في السَّفرِ، فقال ابنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عنه: "إنَّ اللهَ بعَثَ إلينا مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا نعلَمُ شيئًا، فإنَّما نفعَلُ كما رأينا مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يفعَلُ"، أي: إنَّها ثابتةٌ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وإنْ لم تُذْكَرْ في القُرآنِ، وهذا يُبَيِّنُ فَهْمَ الصَّحابةِ: أنَّ ما شرَعَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مثْلُ ما شرَعَه اللهُ سُبحانَه وتعالى في القُرآنِ، وأنَّ السُّنَّةَ حاكِمةٌ، ويجِبُ اتِّباعُها والعمَلُ بها مِثْل القُرآنِ الكريمِ؛ فهي مُكمِّلةٌ لأحكامِه ومُبيِّنةٌ لأوامِرِه ونَواهيه
وفي الحديثِ: بيانُ أنَّ الصَّلاةَ عِبادةٌ توقيفيَّةٌ، نأخُذُها بكيفيَّتِها وقَصْرِها وتمامِها وأوقاتِ ذلك عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
وفيه: بَيانُ فَضْلِ اللهِ على عِبادِه؛ حيثُ جعَلَ أجْرَ الصَّلواتِ المأمورِ بقَصْرِها أجْرًا تامًّا