كتاب صلاة الخوف 22
سنن النسائي
أخبرني إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثنا عمرو بن عاصم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله، «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة من أصحابه ركعتين، ثم سلم، ثم صلى بآخرين أيضا ركعتين، ثم سلم»
الصَّلاةُ أعظمُ أركانِ الإسلامِ العَمليَّةِ، ولهذا لا تَسقُطُ بحالٍ حتَّى أثناءَ الحَربِ، وهذا يَدُلُّ على عَظيمِ قَدْرِها، وكبيرِ شأنِها، وعلى أهميَّةِ الصَّلاةِ والمُحافظةِ عليها، حتَّى في أشدِّ الأحوالِ كحالةِ الحربِ، وقد وَرَدَتْ رِواياتٌ مُتعدِّدةٌ في كيفيَّةِ صَلاةِ الخوفِ، وهي الصَّلاةُ الَّتي تَحْضُرُ والمسلِمون مُتعرِّضون لقِتالِ العدوِّ
وفي هذا الحديثِ يَقولُ أبو بَكْرةَ رضِيَ اللهُ عنه: "صلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في خوفِ الظُّهرِ"، أي: صلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صلاةَ الظُّهرِ هو ومَن معَه وهم في حالِ خوفٍ وحربٍ مِن قتالِ عدوٍّ، "فصَفَّ بعضُهم خلفَه، وبعضُهم بإزاءِ العدوِّ"، أي: قسَّم المحاربين قِسمَيْنِ، قسمٌ يُصلِّي خلفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقِسمٌ في مُواجَهةِ العدوِّ لحِراسةِ مَن يُصلِّي، فصلَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالَّذين خلفَه ركعتَين، "ثمَّ سلَّم، فانطَلَق الَّذين صلَّوْا معه، فوقَفوا موقِفَ أصحابِهم"، أي: للحِراسةِ والاستعدادِ للعدوِّ، ثمَّ جاء أولئك الَّذين كانوا في الحِراسةِ أوَّلًا فصَلَّوْا خلفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، "فصلَّى بهم ركعتَيْنِ، ثمَّ سلَّم، فكانت لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أربعًا، ولأصحابِه ركعتَيْنِ ركعتَيْنِ"، أي: فكانَتِ الصَّلاةُ تخفيفًا على المُحارِبين؛ فصَلَّوْها ركعتَيْنِ، وصلَّاها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أربعًا؛ صلَّى مع كلِّ فريقٍ ركعتَيْنِ
قال الأشعثُ بنُ عبدِ الملكِ: "وبذلك كان يُفتي الحسَنُ"، أي: كان يُفْتي بهذه الكيفيَّةِ في صَلاةِ الخوفِ
وفي الحديثِ: بيانُ بَعضِ صِفاتِ صَلاةِ الخوفِ