كتاب صلاة الخوف 23
سنن النسائي
أخبرنا أبو حفص عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، في صلاة الخوف، قال: «يقوم الإمام مستقبل القبلة وتقوم طائفة منهم معه وطائفة قبل العدو ووجوههم إلى العدو، فيركع بهم ركعة ويركعون لأنفسهم ويسجدون سجدتين في مكانهم، ويذهبون إلى مقام أولئك ويجيء أولئك فيركع بهم ويسجد بهم سجدتين، فهي له ثنتان ولهم واحدة، ثم يركعون ركعة ركعة، ويسجدون سجدتين»
أوجَبَ اللهُ أداءَ الصَّلاةِ في كلِّ وقتٍ، ولم يجعَلْ للمُسلِمِ عُذرًا في ترْكِها حتَّى أثناءَ الحرْبِ، وهذا يدلُّ على عَظيمِ قدْرِها، وكَبيرِ شأنِها، وقد ورَدَت رواياتٌ مُتعدِّدةٌ في كيفيَّةِ صلاةِ الخوفِ، وهي الصَّلاةُ الَّتي تحضُرُ والمُسلمونَ في حالةٍ مِن الحربِ والقِتالِ للعدُوِّ
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ سَهْلُ بنُ أبي حَثْمَةَ رضِيَ اللهُ عنه أنَّه في صلاةِ الخوفِ: "يقومُ الإمامُ مُسْتقبِلَ القِبلةِ، وتقومُ طائفةٌ منهم معه، وطائفةٌ مِن قِبَلِ العدُوِّ ووُجوهُهم إلى الصَّفِّ"، أي: ينقسِمُ الجيشُ إلى فريقينِ؛ فريقٍ يقومُ إلى الصَّلاةِ مُتوجِّهًا إلى القِبلةِ، وفريقٍ يقومُ على حِراستِهم مُتوجِّهًا إلى العدُوِّ، "فيركَعُ بهم ركعةً، ويركَعونَ لأنفُسِهم، ويسجُدونَ لأنفُسِهم سجدتينِ في مكانِهم"، أي: يُصلِّي
الفريقُ الأوَّلُ رَكعةً كامِلةً مع الإمامِ شاملةً الرُّكوعَ والسَّجدتينِ، ثمَّ يُسلِّمونَ، "ثمَّ يذهبونَ إلى مَقامِ أولئك"، أي: يأخُذونَ مقامَ الفريقِ الثَّاني مِن الحِراسةِ، "ويَجيءُ أولئك"، أي
الفريقُ الثَّاني، "فيركَعُ بهم ركعةً، ويسجُدُ بهم سَجدتينِ"، أي: فيُصلِّي بهم الإمامُ رَكعةً كاملةً كما فعَلَ الفريقُ الأوَّلُ، "فهي له ثِنتانِ، ولهم واحِدةٌ، ثمَّ يَركَعونَ رَكعةً ويَسجُدونَ سَجدتَينِ"
وقد ورَدَ في كيفيَّةِ صَلاةِ الخوفِ صِفاتٌ كثيرةٌ، وما في هذا الحديثِ إحدى الرِّواياتِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيها، وقد صلَّاها في أيَّامٍ مُختلفةٍ بأشكالٍ مُتباينةٍ، يتحرَّى فيها ما هو الأحوطُ للصَّلاةِ والأبلَغُ للحِراسةِ، فهي على اختلافِ صُوَرِها مُتَّفِقةُ المعنى
وفي الحديثِ: بَيانُ أهميَّةِ الصَّلاةِ والمُحافظةِ عليها، حتَّى في أشدِّ الأحوالِ، وعند الحرْبِ