لبن الفحل 1
سنن النسائي
أخبرنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا معن، قال: حدثنا مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، أن عائشة، أخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها، وأنها سمعت رجلا يستأذن في بيت حفصة، قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، هذا رجل يستأذن في بيتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أراه فلانا لعم حفصة من الرضاعة» قالت عائشة: فقلت: لو كان فلان حيا - لعمها من الرضاعة - دخل علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة»
جعَلَ الإسلامُ الرَّضاعَ رابطًا كَرابطِ النَّسبِ، فأثبَتَ الحُرْمةَ في النِّكاحِ مِن الرَّضاعةِ كالحُرمةِ مِن النَّسَبِ، وعليه فيُشرَعُ للمرأةِ أن يدخُلَ عليها من الرِّجالِ الذين ثبت فيه حُكمُ الرَّضاعِ، كالأخِ والعَمِّ ونحوِهما
وفي هذا الحَديثِ تخبرُ أمُّ المؤمنين عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان عِنْدَها في بَيتِها وحُجرتِها، فَسَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَستَأذِنُ في بَيْتِ حَفْصةَ رضِيَ اللهُ عنها، أي: يَطلُبُ الإذْنَ بالدُّخولِ إلى بَيْتِ حَفْصةَ رضِيَ اللهُ عنها -وكانت حُجُراتُ أزواجِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم متجاوراتٍ- فقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، سَمِعْتُ صَوْتَ رَجُلٍ يَستأذِنُ في بَيْتِ حَفْصةَ، فأخبرها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه يظُنُّه فُلانًا، الَّذي هو عَمُّ حَفْصةَ مِن الرَّضاعةِ، فقالتْ عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها: لَو كانَ فُلانٌ حَيًّا -لِعَمِّها مِن الرَّضاعةِ- لَجازَ له الدُّخولُ عَلَيَّ؟ فَقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نَعَمْ؛ وذلك لأن الرَّضاعةُ تُحَرِّمُ ما تُحرِّمُ الوِلادةُ. فكلُّ ما ورَدَ تَحريمُه مِن النَّسَبِ فإنَّه يَحرُمُ مِن الرَّضاعِ أيضًا، وكما أنَّ العَمَّ يحرُمُ من النَّسَبِ فإنَّه أيضًا يحرُمُ من الرَّضاعِ
ويؤخَذُ من الحديثِ: مشروعيَّةُ النَّظَرِ والخَلوةِ والمسافَرةِ، ولكن لا يترتَّبُ عليه باقي أحكامِ النَّسَبِ؛ من التوارُثِ، ووجوبِ الإنفاقِ، والعِتقِ بالمِلْكِ، والشَّهادةِ، والعَقلِ، وإسقاطِ القِصاصِ