من قدم ثلاثة
سنن النسائي
أخبرنا إسحق، قال: أنبأنا جرير، قال: حدثني طلق بن معاوية، وحفص بن غياث، قال: حدثني جدي طلق بن معاوية، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لها يشتكي، فقالت: يا رسول الله، أخاف عليه وقد قدمت ثلاثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد احتظرت بحظار شديد من النار»
الأولادُ نِعمةٌ مِن اللهِ سُبحانه، ومَحبَّتُهم تقَعُ في قُلوبِ الآباءِ والأمَّهاتِ مَوقِعًا عَظيمًا، بلْ قد يَكونونَ فِتنةً لآبائِهِم وأُمَّهاتِهم، ولكنَّ الموتَ قدَرٌ مَكتوبٌ على جَميعِ الخلْقِ، وقدْ جَعَلَ اللهُ للوالدينِ جَزاءَ الصَّبرِ على مَوتِ الأولادِ أجْرًا عَظيمًا
وفي هذا الحديثِ يَروي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ امرأةً أَتت إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بصَبيٍّ صَغيرٍ لها، وسَألتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَدْعوَ اللهَ له أنْ يَعيشَ ويَكبُرَ، وفي رِوايةٍ أُخرى لمسْلمٍ ذَكَرَت أنَّه مَريضٌ، وأنَّها تَخافُ عليه مِن الموتِ، وقدْ بَيَّنت السَّببَ في طَلبِ هذا الدُّعاءِ، وهي أنَّها قدْ سَبَق وماتَ لها ثَلاثةٌ مِن الولدِ دَفَنتْهم صِغارًا؛ ولذلك خَشِيَت على هذا الصَّبيِّ أنْ يَلحَقَ بإخوتِه ويَموتَ، فسَألها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن مَوتِ ثَلاثةٍ مِن أبنائِها، يَتأكَّدُ منها عن ذلك، فأَجابَتِ المرأةُ: نَعمْ، فقال لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لَقدِ احتَظَرْتِ» أيِ: احتَفظتِ وامتَنعتِ، «بحِظارٍ شَديدٍ منَ النَّارِ» وهوَ السِّياجُ الَّذي يُجعَلُ عَلى حُدودِ البَساتينِ والمَزارعِ مِن أَغصانِ الشَّجرِ وقُضبانِه ونَحوِ ذلكَ؛ لوِقايتِه مِن دُخولِ المَواشي وَغيرِها، أي: إنَّ أَولادَك هَؤلاءِ الَّذينَ ماتوا صاروا سِياجًا قَويًّا يَمنَعونكِ مِن دُخولِ النَّارِ
وفي الحديثِ: فَضلُ الصَّبرِ عَلى مَوتِ الأَولادِ