باب النعي 1
سنن النسائي
أخبرنا إسحق، قال: أنبأنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أنس، «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى زيدا وجعفرا قبل أن يجيء خبرهم، فنعاهم وعيناه تذرفان»
كان اللهُ سُبحانَه يُطلِعُ نَبيَّه على ما يَغيبُ عنِ النَّاسِ مِن الأحْداثِ والوَقائعِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخبِرُ أصْحابَه بذلك
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَعى جَعفَرَ بنَ أبي طالبٍ وزَيدَ بنَ حارثةَ رَضيَ اللهُ عنهما، فأخبَرَ بقَتلِهما قبْلَ أنْ يَجيءَ خَبرُ غَزْوةِ مُؤْتةَ، أو خَبرُ قَتلِهما ومَن قُتِلَ معَهما، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ وَلَّاهما إمارةَ الجَيشِ، ومعَهم عبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ رَضيَ اللهُ عنه، وكانت إمْرَتُهم على التَّرتيبِ، زَيدٌ، ثمَّ جَعفَرٌ، ثمَّ ابنُ رَواحةَ، وقد قُتِلَ الثَّلاثةُ في تلك المَعركةِ، وكانت عَيْناهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَذرِفانِ، أي: تَفيضانِ بالدُّموعِ حُزنًا عليهم، وفي رِوايةٍ أُخْرى في البُخاريِّ: «ما يَسُرُّهمْ أنَّهم عندَنا»، أي: إنَّهم لَمَّا رَأوْا مِن الكَرامةِ بالشَّهادةِ، فلا يُعجِبُهم أنْ يَعودوا إلى الدُّنْيا كما كانوا مِن غيرِ أنْ يُستَشهَدوا مرَّةً أُخْرى
وفي الحَديثِ: مُعجِزةٌ مِن مُعجِزاتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بإخْبارِه عنِ الغَيبِ
وفيه: النَّعيُ عندَ مَوتِ المُسلِمِ
وفيه: البُكاءُ على الميِّتِ بُكاءَ رَحمةٍ لا بُكاءَ اعتِراضٍ
وفيه: رَحمةُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأصْحابِه