لبن الفحل 5
سنن النسائي
أخبرنا عبد الجبار بن العلاء، عن سفيان، عن الزهري، وهشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة، قالت: استأذن علي عمي أفلح بعدما نزل الحجاب، فلم آذن له، فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم فسألته، فقال: «ائذني له فإنه عمك» قلت: يا رسول الله، إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، قال: «ائذني له، تربت يمينك فإنه عمك»
للرَّضاعِ أحكامٌ كَثيرةٌ في الإسلامِ، وقدْ جاءَتْ بَعضُ أحكامِه في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وبيَّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعْضَها الآخَرَ في أحاديثَ كثيرةٍ، ومنها قاعدةٌ عامَّةٌ أنَّ الرَّضَاعَةَ تُحرِّم ما يُحرِّمُه النَّسَبُ
وفي هذا الحديثِ تَحكي عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّه جاءَها عَمُّها مِنَ الرَّضَاعةِ، واسمُه أفلحُ، فاسْتأذَنَ؛ لِيَدخُلَ عليها، فرفَضَتْ، حتَّى تَسْألَ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن جَوازِ ذلك، فسَألَتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقالَ لها: إنَّه عمُّكِ مِنَ الرَّضاعةِ، فأْذنِي له، فقالتْ له: إنَّما أَرْضَعتْنِي المرأةُ، ولم يُرْضِعنِي الرَّجُلُ، وذلك أنَّها ارتضَعَتْ مِنَ امرأةِ أبي القُعَيْسِ، وأفْلَحُ أخو أبي القُعَيْسِ، فظنَّتْ عائشةُ رضِي اللهُ عنها أنَّه بذلك لا يَصيرُ عمَّها مِنَ الرَّضاعةِ، فأكَّدَ لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه عمُّها مِنَ الرَّضاعةِ، وقال لها: «فَلْيَلِجْ عليكِ» يعني: فلْيَدخُل عليكِ، وكان ذلك بعْدَ أنْ فُرِضَ الحجابُ
ثم قالت عائِشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ الوِلادَةِ»، أي: إنَّ إرضاعَ المرأةِ طِفلًا غيرَ وَلَدِها تَترتَّبُ عليه أحكامٌ شَرعيَّةٌ؛ فكلُّ ما ورَدَ تَحريمُه مِن النَّسَبِ فإنَّه يَحرُمُ مِن الرَّضاعِ أيضًا، فإذا كان العَمُّ من النَّسَبِ يحرُمُ على المرأةِ، فإنَّ العَمَّ من الرَّضاعِ يحرُمُ أيضًا
وفي الحَديثِ: بيانُ تحَرِّي المؤمنِ فيما لم يظهَرْ له حُكمُه الشَّرعيُّ حتى يَعرِفَه