محاضرة 37
بطاقات دعوية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له،ومن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله.
هذه المحاضرة هى السابعة والثلاثون من علم العقيدة وقد ذكرتُ في المحاضرة السابقة عدة أمور أذكر منها:-
- بينتُ كيفية الرد على أهل البدع الذين يُنازعون أهل السنةِ في اعتقادهم.
- بينتُ أن المُعوِلَ على البينة وأعنى بالبينة كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
- بينتُ أن السنةَ مُنزلةٌ من عند الله عز وجل كما أن القرآن مُنزلٌ سواءٌ بسواء وهذه المسألة قد فصلتُها فى علم (أصول الفهم) لأنها مسألة طويلة جداً.
- كذلك بينتُ أن العقلَ آلةٌ تعملُ فى غيرها فعند أهل السنة والجماعة العقلُ يعملُ فى المنقول كتاباً وسنةً وعند أهل البدع والضلال عياذاً بالله تعالى يعمل فى كلام افلاطون وسقواط وبقراط واراسطو وابن سينا هؤلاء الملاحدة الزنادقة عياذاً بالله تعالى.
- بينتُ بعض الأمثلة التى طوعَها أهلُ البدع لموافقة أهوائهم وإرضاءاً للغرب الحاقد الحاسد على أمةِ الإسلام.
- كذلك ذكرتُ أسماء بعض من تاب من الأشاعرة كالباقلانى وهذا الرجل مما لا شك فيه ركنٌ ركين بل هو فى المرتبة كأبى الحسن الأشعرى وأيضاً من الذين تابوا الجوينى وأبو حامد الغزالى والرازى ومن قبلهم قطعاً تاب أبو الحسن الأشعرى شاء من شاء وأبى من أبى، وقد بينتُ بشىءٍ من التفصيل هذه الجزئية فى محاضرات (الأشاعرةُ فى كلماتٍ) أو فى كتابنا (الوجيز فى بيان مذهب الأشاعرة).
نبدءُ اليوم إن شاء الله تعالى من الصورة الشركية الرابعة فى توحيد الربوبية، الصورة الشركية الرابعة أن أهل البدع والضلال يقولون
(الفطرةَ لا تدلُ على الصانع)
واكرر استخدم هذا اللفظ لأن هذا هو كلام القوم يقولون (الصانع) (المُحدث) (القديم) بدلاً من (الخالق) (الأول) الفطرةُ لا تدلُ على الصانع قلتُ هذا تكديبٌ صريح لكتاب اللهعز وجل ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقد بينتُها بالتفصيل فى المحاضرات السابقة ولكن أذكركم بقوله تعالى ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾[سورة الروم:30]
انظر إلى لفظ الناس إذاً هذه الفطرة عمت الخلق من أولهم إلى آخرهم فكلُ أحدٍ يولَدُ فقد وُلدَ على الفطرة وهذا تحقيقاً لحديث نبينا صلى الله عليه وسلم (كلُ مولودٍ يولدُ على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه يمجسانه) وكذلك هذا المعنى جاء فى الحديث القدسى قال تعالى
(إنى خلقتُ عبادى حنفاء) أى أنهم على الطريق المُستقيم بعيدين مائلين حائدين عن طريق الزائغين نسأل الله السلامة والعافية وهذا الحديثُ رواه مسلم r عن عياض بن حمار رضي الله عنه وكذلك المولى عز وجل قال﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ﴾ [سورة الأعراف:172]
فهذا الكلام أُخذ فى عرفات فى عرفة النعمان ضرب المولى عز وجل كتف آدم فنزلت كل سنمة أى كلُ ولد آدم بلا استثناء والحديث معروفٌ عندكم وقد ذكرته فى مكانته وأخذ الله عز وجل عليهم الميثاق الغليظ ألستُ بربكم واقروا بذلك وقالوا بلى شهدنا فهذه مسألة لابد وأن تكون قد حُسمت فيما ذكرته آنفاً وأنا فى الحقيقة أتذكرُ الآن فى التسعينيات يوجد رجل اسمه (سعيد العشماوى) هذا الرجل عياذاً بالله تعالى سلطه الشيطان وسلطته نفسه الأمارة بالسؤ وسلطه من يدفعُ له وكان يُشككُ فى ديننا تشكيكاً يُفضى إلى الضحك لذلك سأذكرُ طرفةً واحدة من كلامِ هذا الرجل خرج علينا فى يومٍ فقال ( فى القرآن أخطاءٌ لُغوية) ثم قال(وإن فطائر الناس تأبى ذلك) هذا نصُ كلامه.
وانتبه!!
إلى لفظ (وإن فطائر الناس)هذه واحدة وأنه يقول (فى القرآن أخطاء لغوية) فلفظُ الفطرة مفرد تُجمعَ على ماذا؟
على (فطر) أما (فطائر) فهى جمع مفردُها (فطيرة) كأنه يشتغل فى فرن عياذاً بالله تعالى انظر إلى هذا الضلال لا يدرى جمع كلمة ثم يُصدر الكلام فى القرآن أخطاءٌ لُغوية أمرٌ عجيب نسأل الله السلامة والعافية.
فمن أراد أن يحترز من هذه الصورة الشركية فى توحيد الربوبية فلا ينسى أبداً ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾ [سورة الروم:30] لا تنسى حديث النبى صلى الله عليه وسلم (كل مولودٍ يولد على الفطرة ) أو فى رواية الترمذى (على الملة ) (فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يُمجسانه).
الصورة الشركية الخامسة فى توحيد الربوبية أنهم
(جعلوا العقلَ هو السبيل الوحيد لمعرفة الله عز وجل )
لذلك عنونتُ لهذه الصورة (جعلوا العقل مدخلاً فى معرفة الله ) والاعتقادُ أن للعقل مدخلاً فى معرفة الله عز وجل هذا عياذاً بالله ضلالٌ مبين ، وقد بينتُ فساد ذلك عندما تكلمتُ عن (الاستدلال على الله عز وجل بالله سبحان وتعالى ) وذكرتُ كلام الأئمة الكبار من أهل السنة ومن الصوفية ومن غيرهم فلا داعى للإعادة ولكن انبه نسمعُ كثيراً وخاصة فى بلادنا مصر (عرفنا ربنا بالعقل) وهذا الكلام عياذاً بالله تعالى ضلالٌ مبين متى كمُلَ عقلُك ؟
فى سنٍ معين إذاً قبله كنتَ من غير الرب فهؤلاء الذين سنوا هذه القاعدة الخبيثة يزعمون بأنه لا سبيل لإثبات وجود الله إلا عن طريق (الحدوثِ والقدم)
العالمُ حادثٌ وكل حادثٍ له مُحدث إذاً العالم له مُحدث وبينتُ فساد هذه المقولة وأنهم لم يُثبتوا عين المطلوب إنما اثبتوا جنس المطلوب وجنس المطلوب لا وجود له إلا فى الأذهان أى وجوده علمىَّ وبهذا أنكشف لك لما هؤلاء يُنكرون صفات المولى تبارك وتعالى جملةً وتفصيلاً وأنا أعى ما أقولُ جيداً.
تقول أن الأشاعرة اثبتوا سبع صفاتٍ يُسمونها بصفات المعانى ونحتوا منها سبعاً يٌسمونها بالصفات المعنوية كلُ هذا باطلٌ ومُنكرٌ من القول وزوراً إنهم اثبتوا ألفاظ أهل السنة أهل السنة يُثبتون سمعاً وهم يُثبتون سمعاً ولكن مدلول السمع عند أهل السنة يختلفُ عن مدلولهم فهذا من باب التمويه الذى هم أدرى به منا .
لذلك إن أردت أن تُجنبَ نفسك هذه المسألة الخطيرة لابد وأن تعلمَ علم اليقين بأن الله عز وجل لولا أن عرفنا بنفسه ما عرفناه لذلك عبد الله بن رواحة أنشد والنبى صلى الله عليه وسلم جالساً فقال:
اللَّهمَّ لولا أنتَ ما اهْتَدَيْنا *** ولا تَصَدَّقْنا ولا صَلَّيْنا
إلى آخره مما قاله
الصورة الشركية السادسة فى توحيد الربوبية
(معجزة الرُسل)
فأهل السنة والجماعة يعتقدون اعتقاداً جازماً أن معجزة الرُسل تدلُ على أن هناك مُرسِلاً وهو الله تبارك وتعالى هؤلاء الضُلال أعنى أهل الكلام يقولون بأن مُعجزات الرُسل لا تُثبتُ رباً، لا تُثبتُ صانعاً، لا تُثبتُ مُحدثاً هكذا يقولون بكل بجاحة عياذاً بالله تعالى بل عياذاً بالله تعالى هذا الرازى قبل أن يتوب كان فى كلامه من الإجرام ما فيه يقولُ ( لا فرقَ بين المُعجزات التى جاء بها الأنبياء وبين السحر فكلاهما جنسهما واحد والذى فرقَ بينهما أن هذا أدعى النبوة والساحر لم يدعى النبوة) انظر إلى هذا البُهت عياذاً بالله تعالى والإستهزاءُ بدين محمدٍ صلى الله عليه وسلم ولكن قد تكلمتُ عن الرازى وبينتُ أنه تاب فى آخر حياته وقد نقل ابن حجر توبته ونقل السبكى توبته إلى غير ذلك وقد ترجم له وهو فى قوله
نهاية إقدام العقول عقال وغاية سعي العالمين ضلال
إلى آخره.
إذاً لكى تتجنب هذه الصورة الشركية يجبُ أن تعلمَ علم اليقين أن المعجزات ليست من باب السحر لا فى قريبٍ ولا فى بعيد فإن مصدرَ المُعجزة والآمر بها هو الله ومصدرُ الشرك والآمر به هو الشيطان فكيف يلتقيان؟!! نسألُ الله السلامة والعافية.
الصورة الشركية السابعة فى توحيد الربوبية
(القياس)
أهل البدع والضلال يُجوزون (القياس الشمولى) أو(القياس الكلىَّ) أنا أدرى وقد بينتُ فيما سبق أنهم يُفرقون بين (القياس الشمولى) (والقياس الكُلى) وهذا تفريقٌ باطل قد بينته فكلاهما لا يُثبتان صانعاً وكلاهما عياذاً بالله تعالى يُثبتان قدراً مُشتركاً يستوى فيه الأفراد والعجب أنهم جعلوا الله عز وجل تحت هذه المظلة فمن إذاً أولى بالتشبيه ومن إذاً أولى بالتجسيم؟!!
نسألُ الله السلامة والعافية ومن متى شبه أهل السنة ومن متى جسم أهل السنة؟؟!!
كلُ هذا من افتراءات أهل الكلام وأخصُ الأشاعرة على أهل السنة والجماعة وقد بينتُ فى التمهيد لعلم العقيدة أنهم مرضى بالتشبيه مرضى بالتجسيم ثم رموا غيرهم بدائهم نسأل الله السلامة والعافية.
ولكن مما لا شك فيه لا يحلُ فى حق الله عز وجل إلا ما يُسمى بقياس الأولى فالله عز وجل فى الآية يقول ﴿ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [سورة النحل:74]
أى جميع الأقيسة مُحرمة فى حق الله عز وجل
ثم قال (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [سورة الروم:27]
كما فى آية الروم إذاً تبينَ أن آية الروم خصصت الآية الآخرى ولا تضربوا لله الأمثال إلا المثل الأعلى والمثل الأعلى أىُ كمالٍ يُوصف به المخلوق فالله عز وجل أولى به قولاً واحداً فإن كان المخلوقُ يسمعُ فمن باب أولى أن الله عز وجل يسمع فهذه من صفات ماذا؟
الكمال وإياك والسؤال الخبيث الإنسان يأكلُ ويشرب كل هذه صفات نقص يامسكين ليست صفات كمال صفة الكمال فى الصيام وعدم الإفتقار إلى شىءٍ فانتبه إلى مثل هذه الأسئلة الخبيثة التى يطرحونها على بعض أهل السنة فإن لم يكن له خبرة بكيفية الرد عليها يورطُ نفسه لذلك يقول ابن تيمية فى بيان تلبيس الجهمية المجلد الخامس الصفحة التاسعة ومئة يقول ما نصه
(إذ القياس الأولى والأحرى هو من المثل الأعلى)
إذاً وله المثلُ الأعلى إذاً (قياس الأولى) يجوزُ فى حق الله عز وجل (وقياس التمثيل) أو (قياس الشبه) أو (القياس الكلى) كل هذه الأقيسة عياذاً بالله تعالى باطلة ولا يحلُ لأحدٍ أن يجعلَ الله عز وجل مع أحدٍ من مخلوقاته تحت مظلة واحدة فهذا كفرٌ صريح عياذاً بالله تعالى وقطعاً.
لما أقول كفرٌ صريح لا يلزم أنى أكفر من قال بهذا فوقوع الكفر شىءٌ والحُكم عليه بالكفر شىءٌ آخر تماماً وقد بينتُ ذلك بشىءٍ من التفصيل.
فمن أراد أن يُخلصَ نفسه من هذه الصورة الشركية عليه أن يقرأَ ويعتقدَ ويعملَ بقوله تعالى ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [سورة الأعراف:180]
هذه الآية فيها شىءٌ عجيب لفظه تعالى ﴿فَادْعُوهُ بِهَا﴾ أى فاعبدوه بها ولله الأسماء الحسنى فاعبدوه بها أنت تعلمون أن أهل الكلام لا يُثبتون أصلاً صفات وبفرض أن الأشاعرة يُثبتون سبع صفات معلومٌ يقيناً أن الأسماء مُشتقةٌ من الصفات وأعنى بالإشتقاق إشتقاق اللزوم لا التولد فالتولد هذا لم يرد على ذهن أحدٍ من أهل السنة قاطبةً إن كانوا يُثبتون سبع صفات إذاً أحسنهم حالاً لا يُثبتُ إلا سبع أسماء فتجد أنهم يثبتون أسماءاً كثيرة من أين جئتم بها؟
إن كانت لا ترجع إلى صفات نسألُ الله السلامة والعافية من الخذلان بعد الهدى ثم قوله تعالى ﴿فَادْعُوهُ بِهَا﴾
أى فاعبدوه بها كأن الله عز وجل يقول لفظ ادعوها بدل من اعبدوه به كأنه يقول ادعوا نفسك وادعوا غيرك أن يعبدوا الله بهذه الأسماء على تفصيلٍ سيأتى فى باب (الأسماء والصفات).
الصورة الشركية الثامنة فى توحيد الربوبية
(الاعتقادُ أن الأشياء خلقت نفسها)
وهذه والله من العجائب ناس تعتقد أن الأشياء خلقت نفسها عياذاً بالله تعالى وأنا والله لا أتصور أن عاقلاً يتفوه بمثل هذا الكلام الساقط إن الأشياء خلقت نفسها النفسُ المخلوقة قبل وجودها كانت عدماً أم لا؟
كانت عدماً
سؤال فكيف يخلُقُ العدمُ نفساً؟
لو نطحتم السحاب ما استطعتم أن تُجيبوا على هذ السؤال لأمرٍ بسيطٍ جداً هذا المخلوق فيه من العلم ما لا يُمكن أن يُتصورَ فى جزئيةٍ بسيطةٍ منه ولوتكلمتُ والله عن سلوك الفيتامينات فى الجسم ما أنتهينا ولا فى أشهر ، مثال بسيط الناس التى لديها هشاشة عظام مثلاًيقولون عندنا نقص فى الكالسيوم صدقوا ولكن هذه المعلومة ناقصة ولو أكلت طناً من الكالسيوم والله ما نفعك بشىء انظر إلى حكمة البارى يوجد فيتامين (د3) وظيفته أن يأخذ الكالسيوم ويدخله داخل العظام طيب لو كان غير موجوداً ماذا سيفيدك الكالسيوم أنا بسأل هذه المعادلة البسيطة تحتاجُ إلى علمٍ أم لا؟
تحتاجُ إلى علم
تحتاجُ إلى حكمةٍ أم لا؟
تحتاجُ إلى حكمة
فاخبرونى يامن تقولون أن النفس خلقت نفسها قبل أن توجد كانت عدماً العدم له علمٌ وله حكمة؟
ما هذه العقول نسألُ الله السلامة والعافية مع أن الله عز وجل قد كذَّب هذا الاعتقاد تكذيباً صريحاً كما فى آية الطور
﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾[سورة الطور:35]
قطعاً (أم) هنا فيها بحث طويل جداً وإن شاء الله لأعقدن لها محاضرةً لما؟
لأنى أقرأُ كثيراً عند اللغويين وأخصُ بالذكر فى النحاة إذا جاء عند (أم) قال بمعنى (بل) وهذا عياذاً بالله تعالى نسألُ الله السلامة والعافية ومن متى كان الحروف بعضُها يحلُ محل بعض؟
أمرٌ عجيب لابد وأن يُحسم ولكن على كل قال تعالى﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ﴾ يعنى هذه النفس أتخلقت من غير شىء الذى هو ماذا؟
العدم فالهمزة هنا أم خلقوا هذه همزة استفهامية تضمنت استنكاراً وتوبيخاً وتقريعاً عياذاً بالله تعالى أى أنكم لم تُخلقوا من غير شىء ثم قال تعالى ﴿ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ﴾ يعنى هم خلقوا أنفسهم عياذاً بالله تعالى وهذه أيضاً أبطلُها الله، إذاً ما بقيت إلا واحدة أنك خُلقتَ من غيرك بقىَّ السؤال من هو الغير؟
هو الله تبارك وتعالى لذلك الآية التى بعدها ﴿ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾[سورة الطور:36] والله عز وجل يحكى عن المشركين ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [سورة لقمان:25] فكأن الله عز وجل لما قال
﴿ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾[سورة الطور:36]
كأنه يقول تذكروا أنكم تُقرون أن خالق السماوات والأرض هو الله تبارك وتعالى فهو الذى خلقكم وأنتم تعلمون أن خلق السماوات والأرض أكبرُ من خلق الناس فلو كان الله عز وجل قادرٌ على أن خلقَ السماوات والأرض وهى أعظم من خلق الناس فمن باب أولى أنه يخلُقُ الأدنى.
إذاً هذه الصورة الشركية عياذاً بالله تعالى هى التى يسعى إليها العالمُ الآن يتفننون فى كيفية تحويل العالم إلى عالم مُلحد أى يُنكرُ وجود الرب وكما سيأتى الكلام عن التفصيل واتخذوا شرذمةً من من ينتسبون إلى الإسلام لتدمير أهل السنة وأخصُ بالذكر أهل السنة والجماعة على تفصيلٍ معروفٍ فى مكانه وسنبينُها إن شاء الله تعالى وإن أظهرتُ بعضها فيما سبق.
الصورة الشركية التاسعة فى توحيد الربوبية
(الاعتقادُ بأن الله يخلقُ عند الأسباب لا بها)
انتبه للكلام ، ما معنى ذلك؟
اعطيك مثالاً سريعاً قبل أن ندخل فى التفصيل جئنا بنقطة زيت تغلى ثم وضعتها على يدك ماذا حدث؟
حدث حرقٌ فإن سئلت ما الذى أحرقكَ؟
ستقولُ قولاً واحداً قطرة الزيت المغلى أتدرى أهل البدع وأخص بالذكر الأشاعرة يقولون ماذا؟
لا ، إن الله خلق حرقاً عندما ألتقت نقطة الزيت مع جلدك انظر إلى الكارثة طيب صاحب القول الأول الذى قال بأن قطرة الزيت
(انقطع الصوت)
وجعل لها طبائع تصوروا أنهم يحكمون بكفر من يقول بذلك وعليه فلا علة عندهم ولا لام التعليل عندهم ولا باء السببية عندهم وسلوهم لما خلقنا الله عز وجل ؟
لو قلت لنعبده ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [سورة الذاريات:56] أنت عندهم كافر لأنهم يُنكرون لام التعليل أصلاً فلا علة للخلق عندهم أصلاً إنما هى محض مشيئة الله عز وجل كما يزعمون نسألُ الله السلامة والعافية.
وعليه أنا أقول لهؤلاء آية المائدة المولى عز وجل يقول ﴿يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ﴾[سورة المائدة:16] الهاء عائدة على القرآن يهدى بالقرآن أى الله عز وجل يهدى بالقرآن السؤال إن قلتم بأن الله يُحدثُ هدايةً عند تعلم القرآن إذاً ما قيمةُ القرآن؟
لا قيمة له ولا قيمة لكلام الله سبحان وتعالى فإنه ليس سبباً للهداية ولكن عندهم نقرأه فيخلقُ لك الله عز وجل هداية إن كان ما تقول أنا أريدُ أن أسأل سؤالاً لما تُقطع يد السارق إذاً؟
لما يُجلد أو يُرجم الزانى إذاً ؟
فإن السارق مد يده ليأخذ شيئاً ما فخلق الله عز وجل السرقة بأى حقٍ نقطعُ يده وبأىُ حقٍ نجلد أو نرجم من زنى عياذاً بالله تعالى ضلالٌ مبين ، لذلك فى الحقيقة أمثال هؤلاء لا علاج لهم عندى إلا الآتى أن من قال بهذا الكلام يُضربُ ضرباً مُبرحِاً فإن اشتكاك عند القاضى فقل للقاضى أن الله خلق ضرباً عندما رفعت يدى عليه لما تُعاقبنى خطورة هذه المسألة نسأل الله السلامة والعافية (نسبة الظُلمِ إلى الله عز وجل حيثُ خلقَ ثم يُعاقبنُا ) كيف هذا الكلام؟
بل هذا نسبةُ فعلُ النقائص والمعائب بأن تقول أنها تمت بأمر الله الدينى الشرعى وإن كانت تمت بأمره الكونى القدرى هذا المذهبُ عياذاً بالله تعالى يؤصلُ ويؤكدُ ويؤيدُ مذهب الجبرية شاؤا أم أبوا والأشاعرة جبرية مما لا شك فيه وقد بينتُ ذلك فى كتابنا وفى المحاضرات وإن شئت فعُد إليها.
أضربُ بعض الأمثالة على عُجالة لتبين كارثةَ هذه أهل السنة يقولون مثلاً (شبعتُ بالخبز) فجعلوا الباء سبب أى أن الخُبز سبب الشبع أما أهل البدع والضلال يقولون (شبعتُ عند الخبز) يعنى لما دخل الخبز جوفك أحدثَ الله لك شبعاً هذا أمر فى غاية الخطورة أهل السنة يقولون (من أُلقىَّ فى النار أُحرقَ بها ) أهل البدع والضلال يقولون (لا ، بل أحدثَ الله له حرقاً أى بينه وبين النار) وهذا فى الحقيقة من تمام جهلهم لأن النارَ تتكونُ من مادتين ( مادة النور) (ومادة الإحراق) لذلك لما ألقى المشركون إبراهيم فى النار انظر ماذا يقول المولى (كونى برداً وسلاماً ) كونى إذاً أصدر إليها أمراً ما هو هذا الأمر؟
أبطل به (مادة الإحراق) ولم تبقى إلا (مادة النور) فعاش إبراهيم وخرج سالماً غانماً والحمد لله رب العالمين ، لذلك أريدُ أن انبه على بعض الجزئيات هنا حتى تنتبه إلى خطورة هذا اللون أو هذه الصورة من الشرك عياذاً بالله تعالى أسمعُ كثيراً من الخُطباء وغير الخُطباء للآسف من يُنسبون إلى العلم يقولون قولة فى غاية الغرابة يقولون (إن الله عز وجل يخلقُ بلا سبب ) وهذا عياذاً بالله تعالى باطلٌ وهدمٌ لأصلٍ من أصولِ هذا الدين قولاً واحداً ويكفى لإبطال هذا الزعم أنك لو كلفتهُ أن يأتىَّ بمثال والله لو نطح السحاب بل السماء ما استطاع أن يأتىَّ بمثال فهذا الكلام فى غاية الخطورة ولكن نعم له رقعةٌ آخرى ولكن انتبه يرحمك الله فإن الله عز وجل لم يخلق شيئاً إلا على سببٍ وأعنى بالسبب كما سيأتى ما يُسمى بالسبب التام لذلك مُمكن يُشاغب هنا بعض الناس ولكن بمناسبة هذه المُشاغبة أذكرُ قصةً فى غاية الغرابة حتى تنتبه لذلك أقول دائما لك
اسمع جيداً
افهم جيداً
تكلم جيداً
أما لا تُحسنَ السماع فلن تٌحسنَ الفهم ولن تُحسنَ الكلام
المريسى هذا المُجرم الضال كان يسألُ سؤالاً يقول الآتى هل يقدرُ الله عز وجل -طبعاً هو يُنكر أن الله فوق السماء ولكن يُكلم خصمه-أن ينزل من على عرشه ويكونُ العرشَ فوقه أم لا؟
فلو أجاب المسئول فقال لا يقدر قال له كفرتَ فقد وصفتَ الله بالعجز وإن قال نعم يقدرُ قال كفرتَ لأنك جعلت المخلوق يُحيط بالخالق والله عز وجل يقول (والله بكل شىءٍ محيط ) إذاً أنت لم تفهم السؤال إذاً هذا سؤال خطأ لأن هذا السؤال اسمه فعل النقائص والمعائب والله عز وجل لا يفعلُ النقائص ولا المعائب فإذاً السؤال نفسه غلط هذا الذى ممُكن يحصلُ فى مثل هذه الجزئية نسألُ الله السلامة والعافية على كلٍ لها تفصيلٌ آخر كأن مثلاً يقول لك هل يقدرُ الله عز وجل أن يخلقَ بلا سبب؟ فلو قلت له له الجواب يقول لك ماذا؟ وصفت الله بالعجز وكفرت طيب ماذا تقول له ؟ هذا سؤال خطأ لأن هذا فعلُ نقائص والله عز وجل لا يفعلُ النقائص ولا يفعلُ المعائب بأى وجهٍ من الوجوه ، المهم المراد بالسبب قطعاً السبب التام بمعنى أن السبب الواحد لا يخلقُ به فإن الله هو الأول والله هو الواحد الأحد لا يخلقُ على سببٍ واحدٍ أبداً لذلك قال الله تعالى
﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾[سورة الذاريات:49])
لابد من ليل ونهار لابد من سماء وأرض لابد من ظلمة ونور لابد من ذكر وأنثى وهلم جرا ، لذلك إذا قلت السبب أقصد السبب التام أى لابد من شريكٍ معه بل والله الشىءُ الواحد يحدثُ عيناً لا بسببين بل بأسبابٍ ما جهلناها أو ما جعلنا بعضها أكثر مما علمناه وأنا أعُطيكَ مثالاً على عُجالة الإنسان الذى يريد أن يأكل ويستفيد من الأكل لكى يعيش انظر لن أتكلمَ عن الزرع لن أتكلم عن الحصد هذه أسباب ولن أتكلم عن تصنيع الطعام هذه أسباب لكن سأتكلم عن مجرد أن يدخل غلى الفم واحد يحتاجُ إلى أسنان ماذا تفعل؟
تطحن هذا سبب ثانياً الفم فيه لُعاب واللُعاب فيه أنزيم هذا الأنزيم عياذاً بالله يُساعد فى بدء عملية هضم نشا وتحويله إلى سكر المالتوزكما هو معلوم ليستكمل عملية الهضم والإمتصاص فى الأمعاء كم سبب ذُكر ؟
بل تعالى بعدما حصل ما حصل فى الفم عندك الأكل دخل فى البلعوم ومنه إلى المرء سبب ومنه إلى المعدة سبب وفى المعدة تنزل الأنزيمات الهاضمة والحمض المعدى كلُ هذه أسباب هذا ما علمناه أما الذى لم نعلمه فشىءٍ كثير لذلك انتبه إلى هذه القضية فإنها فى غاية الخطورة لذلك كى يصلُ الغذاء إلى الخلايا يحتاجُ إلى مئات الآلاف من الأسباب حتى يصلُ سالماً إلى مكانه إن أردتَ أن تصونَ قلبك ولسانك وجوارحك من هذه الصورة الشركية عياذاً بالله تعالى يجبُ عليك أن تعتقدَ اعتقاداً جازماً أن الله عز وجل يخلقُ بالأسباب تعتقدُ اعتقاداً جازاماً أن المراد بالسبب هو السبب التام أعنى السبب ومعه شريكٌ وشريك إلى آخره ولابد من انتفاء الموانع ولابد من إذن الله تبارك وتعالى كما سيأتى إن شاء الله تعالى قريباً فى الحقيقة لو دخلنا فى الصورة العاشرة أعنى
( الاعتقاد بأن الأسباب هى المُبدعة للمسببات) وخطورة هذه الصورة الشركية أن عموم المسلمين يقعون فيها نسألُ الله السلامة والعافية لنا ولهم ولا أقول المشركين فقد وقعوا فى كل شىء العجب أن كثيراً من المسلمين وقعوا فى هذه الصورة الشركية ولكنها طويلةٌ يعنى ممكن نقول جداً جداً فلن استطيع أن أبدء بها.
نكتفى بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وجزاكم الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.